عاش العراق يوما عصيبا من الانتظار القلق بمناسبة الإعلان عن نتائج الانتخابات، لما يحمله الإعلان من محاذير سياسية وحتى أمنية. وانتشرت القوات الأمنية العراقية بشكل واسع في وسط بغداد منذ الصباح مع اقتراب إعلان المفوضية العليا نتائج الانتخابات في ظل تقارب شديد بين قائمتي رئيس الوزراء نوري المالكي ومنافسه إياد علاوي. وتمركز جنود ورجال شرطة على الطرقات قرب مداخل المنطقة الخضراء ومفاصل الطرق الرئيسية والجسور، كما تحلق مروحيات فوق الصالحية المجاورة، حيث انطلقت تظاهرة تأييد للمالكي من أمام مبنى المحافظة. وأغلقت القوات الأمنية جسر السنك والشوارع التي تؤدي إلى مكان انطلاقة التظاهرة. وتم الإعلان عن أسماء الفائزين وتوزيع المقاعد في البرلمان المقبل الذي يضم 325 نائب، لكن المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات تبقى رهن المحكمة الدستورية. ومنذ انتهاء الاقتراع، نشرت المفوضية نتائج تشير إلى تقدم المالكي مرة وعلاوي مرة أخرى. وأدى بطء عملية الفرز في محطات الاقتراع الناجم حسب المفوضية عن مراحل عدة للتدقيق في النتائج إلى اتهامات بالاحتيال والتلاعب من مختلف الأطراف السياسية. ودعا المالكي مؤخرا إلى إعادة العد والفرز لكن المفوضية رفضت مطالبة بتقديم أدلة دامغة على حدوث تزوير. وأشار تعداد أجرته وكالة فرانس برس في وقت سابق استنادا إلى فرز 95 بالمئة من محطات الاقتراع إلى أن اللائحتين ستشغلان عددا متساويا من المقاعد في البرلمان. لكن 47٪ من الأصوات العراقيين في الخارج التي يفترض أن تدرج في النتائج قد ترجح كفة الميزان لأحد الطرفين. ويبدو أن الناخبين الذين يعيشون في الخارج وخصوصا العرب السنة الذين فروا منذ سقوط نظام صدام حسين العام ,2003 أيدوا علاوي. وبينما حبس العراقيون أنفاسهم لمعرفة الفائز في ظل التنافس المحموم، تستمر المشاورات والاجتماعات دون توقف سعيا لتحالف بين دولة القانون والائتلاف الوطني للتحكم بتشكيل الحكومة المقبلة. وحسب الدستور العراقي فإن زعيم أكبر تكتل سياسي في البرلمان سيمنح ثلاثين يوما لتشكيل حكومة، فإن فشل فإنه يجب على رئيس الدولة الذي ينتخبه البرلمان أن يختار مرشحا آخر لتشكيل الحكومة. ويؤدي التقارب في النتائج بين المالكي وعلاوي إلى مفاوضات قد تستمر لأسابيع أو أشهر لتشكيل حكومة جديدة، خاصة وأن الكتل السياسية الرئيسية لها أجندات سياسية متعارضة في كثير من الأحيان''. ويرى محللون أن التأييد الكبير الذي حصل عليه علاوي من العرب السنة زاد من مخاوف أن تؤدي محاولات تهميشه من قبل الائتلافين الشيعيين الرئيسيين، دولة القانون والائتلاف الوطني، إلى إذكاء نار التوتر الطائفي مجددا. وبدأت دائرة المشاورات بين القيادات السياسية تأخذ أبعادا أوسع من خلال فتح قنوات الحوار وانفتاح مختلف الأطراف السياسية على بعضها من أجل التوصل إلى توافقات لشكل التحالفات المزمع عقدها والتي تمهد لتشكيل الحكومة الجديدة.