في أول لقاء يجمعنا بهذا البروفيسور الذي ظهر متواضعا للغاية، يؤكد الخبير الجزائري ورئيس وحدة أمراض المفاصل بمستشفى وهران الأستاذ أحمد بن زواي، على أهمية مؤتمر أطلنطا ال74 للكلية الأمريكية لطب وأمراض المفاصل، وهو المؤتمر الذي اعتاد الرجل على حضوره والمشاركة فيه، حيث يبرز أهميته في تحصيل آخر الأبحاث ودوره في تنمية قدرات الأطباء الذين حضر منهم ما يفوق 15000 من حول العالم. وفي هذا اللقاء يبرز الرجل الفرق بين المؤتمرات الأوربية والأمريكية، كما نجده يركز على ضرورة التشخيص المبكر للمرض، كما أنه يعطي رأيه حول العلاجات الجديدة التي ظهرت في هذا المجال من الطب، زيادة على رأيه حول واقع المرض في الجزائر وأشياء أخرى تجدونها بين ثنايا هذا الحوار الذي أجري معه في مدينة أطلنطا الأمريكية... ما هو تقييمكم لمؤتمر ACR الذي تحضرونه هنا في أطلنطا؟ على كل حال اللقاء الذي يجري هنا في أطلنطا الأمريكية هو أكبر مؤتمر في العالم يجمع الأطباء المختصين في ما يخص أمراض التهاب المفاصل، وهو يجري، كما تعلمون، في مدن مختلفة كل سنة هنا بالولاياتالمتحدةالأمريكية. وهذا اللقاء لديه عدة أهداف من بينها تطوير مستوى أداء الأطباء المختصين في هذا المجال عبر ما يجري التطرق إليه من بحوث أجريت وتم تجريبها ونقدم الدراسات والبحوث في هذا المجال وكذلك فتح الفرص أمام الأطباء لإجراء تكوين في مجال أمراض التهاب العضلات والمفاصل. وبودي أن أعرف القارئ الكريم بأن هذا المرض يصيب بلدنا وهو التهاب مزمن يسبب في الألم، وضعف في صلابة المفاصل، للحد من تحركاتهم. على الرغم من أن المفاصل هي أجزاء الجسم الأكثر تضررا منه، وقد تتأثر الأجهزة الأخرى عن طريق الالتهاب. وقد يسبب في الكثير من المرات في الحد من عملهم. في الواقع، من دون العلاج المناسب، و60 ٪ من المرضى غير قادرين على العمل بعد عشر سنوات. الجهود من قبل المرضى الذين يرغبون في مواصلة العمل على الرغم من الألم، يؤدي إلى تغيير في موقف وممارسة الضغط على الأجهزة الأخرى في الجسم، الأمر الذي يؤدي إلى خلق أمراض أخرى. شاركتم في العديد من المؤتمرات الخاصة بعلاج أمراض الروماتيزم، برأيكم ما هوالجديد مقارنة مع السنة الماضية؟ الجديد..هو ما يخص العلاج الخاص بمعالجة أمراض التهاب المفاصل الرثائي، فكل ما يتعلق بالعلاجات الحيوية والأدوية التي تستهدف ميكانيزم المرض، يعني الفرق مع السنة الماضية أنه تم استحداث علاقات تتم وفق هذه العلاجات الحيوية مع تسجيل طرق لا مثيل لها بالمقارنة من حيث النتائج التي سجلتها في علاج المريض وتطوير وصفة القضاء على المرض. والهدف من هذه الأدوية أن جسم الإنسان أصبح يستطيع المقاومة أحسن في ظل استخدام العلاج المستهدف الذي لا يضر بباقي الخلايا السليمة ولا يستهدف إلا الجزء المريض من عضو الإنسان. لو سألناكم عن الفرق بين المؤتمرات الأوروبية والمؤتمرات التي تجرى في الولاياتالمتحدةالأمريكية، برأيكم ما هر الفرق؟ في الحقيقة لا يوجد فرق كبير لكن في المقابل يمكنني أن أؤكد لكم أن مستوى البحث والدراسة متطور في الولاياتالمتحدةالأمريكية مقارنة بأوروبا، فالأوروبيون لديهم قدرات لا بأس بها في مجال أمراض التهاب المفاصل والعضلات الرثائية، وهذا لا يمكن التشكيك فيه أبدا. لكن هناك نقطة مهمة يجب قولها في هذا الصدد وهو أن جمع النتائج من المؤتمرين وتطبيقها في أقرب وقت ممكن وفيه فائدة كبيرة لصحة المريض أينما كان. كيف تنظرون لمجمل العلاجات والأدوية التي تم عرضها وما تأثيرها على صحة المريض ونوعية الحياة مستقبلا؟ في الحقيقة هذا واحد من بين أبرز ما تهدف إليه العلاجات الحيوية التي تم عرضها في هذا المؤتمر، والتي وصلت إلى إعطاء نتائج جد جيدة بالنسبة لمريض التهاب المفاصل. وقد انعكس ذلك على تقليل التعب والإعياء وفقدان الكثير من الأشياء لدى المريض، بالإضافة إلى أنه، وكما قلنا، فقد نجح العلاج المستهدف في عدم التأثير على باقي الخلايا الأخرى السليمة، وهذا في حد ذاته نجاح مميز يحسب لصالح العلم والعلوم، بالإضافة إلى التقليل من آثار الآلام. كما جرى التطرق فيها للعلاج القديم للأمراض الروماتيزمية وخصوصا التي لها أسباب في اختلال في جهاز المناعة. كما تم إيضاح الفرق من حيث كفاءة وتحكم الأدوية بالمرض وأيضا الأعراض الجانبية للأدوية المغيرة لمسار المرض أو المثبطة له. وكذا عرض أحدث الأدوية التي صنعت خصيصاً كتعاون بين الهندسة الكيميائية والهندسة الوراثية لاستهداف الأجسام المولدة لنشاط المرض ومحاولة التحكم في أعراض الأمراض بأدوية موجهه، كما يستعرض الطريقة المثلى للعلاج، خطورة العلاج بالكورتوزينات والمسكنات فقط لمدة طويلة دون الحاجة الملحة إلى ذلك ونحن نؤكد أننا نفضل العلاج بالأدوية الفعالة بتغير مسار المرض عن التي تعالج الأعراض فقط. نرجع للحديث عن واقع المرض في الجزائر، كيف تنظرون لواقع مريض التهاب المفاصل بالجزائر اليوم؟ في الحقيقة لو رجعنا إلى 10 سنوات أو15 سنة التي مضت سنجد أن ثمة فرقا كبيرا بين ما كان وما هو موجود فيما يخص مرض التهاب المفاصل، حيث كان ثمة قلة من الأشخاص يعالجون المرض وبقليل من الإمكانات. وقبل 15 سنة، كما قلت، لم يكن ثمة الوسائل والعلاجات الحيوية كما نراه اليوم، حيث تطورت كثيرا نوعية حياة مريض التهاب المفاصل. ولذلك أعتقد أن قطاع العناية بهذا المرض والمريض قد تحسنت في بلادنا بالرغم من أنه ما يزال ثمة ما يجب القيام به في هذا الصدد. ما هي النقائص التي ترونها ما تزال مسجلة في هذا الميدان؟ هذا طبيعي فنحن لا يمكن أن نقول عالجنا كل المشاكل نحن على وشك الوصول للتكفل بمرض التهاب المفاصل، وهنا يجب الإشارة إلى ما يجب أن تقوم به الجمعيات التي تعمل على تحسين الوضع وكذا الأطباء في عملية التحسيس بمخاطر المرض والعناية بالمريض، وطبعا التمويل الذي سيكون له دور هام في التكفل بمريض التهاب المفاصل في الجزائر، حيث يبقى أخطر الأمراض التي تمس المفاصل. ما هي النصائح التي تقدمونها لمريض التهاب المفاصل في الجزائر؟ أعتقد أن الحديث عن مرض الروماتيزم هو عميق وواسع للغاية. ففي الروماتيزم نجد الكثير من الأمراض التي تبقى مسجلة في بلادنا وللأسف أنها ترتبط بالمرأة والمرأة الشابة في العمر، ولهذا لا يجب فقط من القطاع الطبي أن يدعو المواطنين للتقدم من أجل الفحص وإنما يجب علينا نحن أن نقوم بعملية التشخيص المبكر والوقاية من كل التعقيدات والعجز وتطوير نوعية الحياة والمساهمة في حياة أفضل إذا شخصوا الأمور قبل تعقيدها. وأود القول إن المريض في الجزائر لديه الفرصة في ذلك بحكم توفر كل الأدوية اليوم الموجودة في أوروبا. ما هي الدراسات والبحوث المستقبلية التي ترونها مركزية للمرحلة القادمة؟ نعم، أعتقد أنه في ظرف 10 سنوات القادمة سنرى تطورا كبيرا في هذا الجانب، حيث سنرى تكفلا أحسن بالمريض خصوصا ما يخص أمراض الالتهابات الرثائية للمفاصل والعضلات وكذا تطوير العلاجات الحيوية. وكما نعلم فهناك مرضى لا يستجيبون للعلاج مباشرة، وأعتقد أن البحوث قائمة اليوم على قدم وساق من أجل إيجاد أدوية مناسبة لهم، في 10 سنوات القادمة. هل ثمة علاقة بين ظاهرة السمنة ومرض التهاب المفاصل؟ حقيقي أن سمنة الإنسان تؤثر على المفاصل خاصة مفاصل الركبة، لأن جسم الإنسان يرتكز عليها وتبقى السمنة العائق والمشكل الكبير الذي يؤثر على هذه الأماكن التي يحتاجها الإنسان في حياته، وهي ضرورة للغاية. لكن فيما يخص مرض التهاب المفاصل الروماتزمي، فإنه يعود إلى خلل في الجهاز المناعي، لكن دون أن نعرف الأسباب الأولية كالأسباب الوراثية وأخرى متعلقة بالعمل وأخرى شخصية مثل السمنة التي تجتمع فيما بينها. وكما تعلم فالسمنة تؤثر على كل شيء على الكلى والقلب وداء السكري، وكما ترى فالأطفال الصغار في أمريكا لديهم هذه الأمراض بسبب تناول الوجبات السريعة والصودا بشراهة وكذلك الحلويات، وهي كلها مؤدية لمرض السمنة ومن ثمة تسبب مشاكل على مريض التهاب المفاصل في الغرب وبين الشرق والجنوب والشمال في الجزائر. في الحقيقة لا يوجد فرق بين المرض في الجزائر في أمراض الروماتيزم، فهي أمراض تمس كل الناس. وفي الحقيقة نحن قادرون على خفض نسب الإصابة بهذه الأمراض لو تحكمنا في مسألة التشخيص المبكر.