أنهت كاتبة الدولة الأمريكية كونداليزا رايس أول أمس، زيارتها القصيرة للجزائر في إطار جولتها المغاربية التي قادتها لكل من ليبيا وتونس والجزائر وختمتها أمس بالرباط، وقد عبرت رايس خلال المحادثات التي جمعتها مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على متانة العلاقات الجزائريةالأمريكية وعن استعداد البيت الأبيض لتطوير هذا التعاون خاصة في شقيه الأمني والاقتصادي . وكما كان متوقعا قبل وصول رايس إلى الجزائر كان ملف التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب أبرز الملفات التي بحثتها كاتبة الدولة الأمريكية خلال محادثاتها مع بوتفليقة، حيث جددت بهذا الصدد دعم الو.م.أ للجزائر في حربها على الإرهاب التي قالت إنها مستعدة لتطوير الشراكة والتعاون في مجال تبادل المعلومات والتنسيق الأمني لمحاوبة ظاهرة الإرهاب. وحسب ماتردد في كواليس هذه الزيارة من طرف بعض الأوساط الإعلامية فإن كاتبة الدولة الأميركية تكون قد عرضت على الجزائر فكرة إقامة مركز إقليمي مخصص للتنسيق الأمني بين كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب، بهدف تعزيز التنسيق في المغرب العربي ودول جنوب الساحل وبلدان الصحراء الكبرى، من أجل إحكام السيطرة على هذه المناطق التي تتخذها الجماعات الإرهابية كمجال للتحرك والدعم اللوجيستيكي خاصة عن طريق المحور الجنوبي لدول المغرب العربي. وسيعكس هذا المشروع النظرة الأميركية في إطار مشروعها المتمثل في الحرب على الإرهاب، خاصة وأن إدارة بوش سبق لها وأن طرحت من قبل مشروع قاعدة الأفريكوم في نفس الإطار ولقيت رفضا من قبل دول المنطقة خاصة الجزائر التي رفضت رفضا قاطعا استقبال أي قاعدة عسكرية على أراضيها وعملت على بلورة موقف موحد في إطار الاتحاد الإفريقي الذي طالب بمناقشة المشروع في إطار مشترك بين جميع البلدان الإفريقية، رايس التي اختارت الجزائر للحديث عن هذا المشروع الذي طرحته كبديل ربما لمشروع الأفريكوم يأتي من قناعة واشنطن أن التجربة الجزائرية رائدة في مكافحة الإرهاب وأن الجزائر مفتاح كل المشاريع في المنطقة المغاربية. وبشأن التعاون الاقتصادي كانت رايس قد وصفت في تصريحاتها الصحفية مستوى العلاقات الجزائريةالأمريكية بالممتازة، مؤكدة أنها بحثت مع بوتفليقة مسار التعاون الثنائي بين البلدين وآفاق تطوير الشراكة الاقتصادية التي تجمعهما عن طريق عديد المشاريع التي تم بعثها في السنوات الأخيرة في إطار عدة اتفاقيات اقتصادية وعلمية بين الجزائروواشنطن. زيارة رايس للجزائر لم تمر دون التطرق لمسألة المعتقلين الجزائريين القابعين في معتقل غوانتنامو في شبه الجزيرة الكوبية، والذين أبدت في عدة مناسبات سابقة الإدارة الأمريكية استعدادها لتسوية الأمر مع نظريتها الجزائري، وعبرت رايس ضمنيا عن رضاها بوضع المفرج عنهم الذين سلموا للجزائر، حيث قالت رايس بهذا الخصوص ''... يبدو أن كل شيء طبيعي حول هذه المسألة، فقط هدفنا التعامل مع ضمانات قوية واحترام حقوقهم الإنسانية''. وفي سياق الشؤون الإقليمية والدولية قالت رايس إنها بحثت مع بوتفليقة قضية الصحراء الغربية، ولم تبد أية تفاصيل عن هذه القضية، المعروف عن الإدارة الأمريكية ميلها ونزوحها إلى الطرح المغربي المتمثل في الحكم الذاتي كبديل عن الاستقلال وحق تقرير المصير، بينما تطالب الجزائر بتطبيق الشرعية الدولية في هذه القضية، ويكون بوتفليقة قد جدد لرايس موقف الجزائر الثابت والعادل من هذه القضية. كما بحثت رايس أيضا عملية السلام المتعثرة في الشرق الأوسط والوضع في موريتانيا والعراق . وبعيدا عن تفاصيل هذه الجولة المغاربية الأولى من نوعها لرايس والتي اعتبرها العديد من المتتبعين نقلة نوعية في مسار العلاقات الأمريكية المغاربية خاصة مع الطرف الليبي وماقول رايس إنها جاءت لطرابلس لتثبت أن أمريكا ليس لديها أعداء أبديون إلا دليلا عل ذلك، زيارة رايس حملت رسائل مغازلة للقذافي الذي يراد له دور ما في محور نواقشط، باماكو، نجامينا ووصولا إلى الخرطوم، نظرا للثقل الذي أصبح يتمتع به، جاءت متزامنة مع عودة التوتر بين واشنطن وبيونغ يونغ حول برنامجها النووي وتزايد حدة الصراع مع طهران لذات السبب، كما أن اقتراب ذكرى 11 سبتمبر والحرب على الإرهاب الذي كان في صلب أجندة رايس في كل العواصم التي حلت بها قد جعل من هذه الزيارة توصف من قبل المتتبعين بالتاريخية.