لا جدال بين الملاحظين حول الوضع الداخلي الفلسطيني، الذي تحول بفعل الزمن وتأثير التيارات الهوائية الباردة والساخنة إلى لوحة كاريكاتورية، تصلح للاستعانة بها في تقديم نشرات الأحوال الجوية على القنوات التلفزية. فسحب حمساوية ورعود فتحاوية ورياح شعبية وأمطار طوفانية صهوينة لا تبقي ولا تذر، ليغرق البيت الفتحاوي وتتحطم أركان البيت الحمساوي، وتشطب الطرق التي يمر فيها الفلسطيني البسيط الذي لا يملك هوية سياسية مؤدلجة في الوحل النووي النجس، الذي ما كان للسحب الآتية به أن تمطر هذه النجاسات لولا حلب واستحلاب في الضفة والقطاع وفي الكنانة والحجاز. ولن يكون هنالك حل لهذا الاحتباس الحواري -إذا صح التعبير- في ظل اجتماع الإنس والجن وتفرق المعنيين الأوائل بهذا الأمر الجلل، باعتراف مرة وتنازل مرة أخرى بين مختلف الأطراف المشكلة للمشهد الفلسطيني، بعيدا عن سياسة توليد الوحل الذي لا يختلف في صنيعه عن مشهد النعامة وهي تخبئ رأسها في الرمال لتظهر للعالم بأعدائه المباشرين وأشقائه المنافقين درجة الرومانسية التي تتمتع بها، وهي تعرض شرفها بالمجان لهواة هتك الحرمات بأرضها وعرضها. وبما أن الكل يدرك أن دوام الحال من المحال، وأن الفسحة من بنيّات الضيق يأمل الجميع ممن يؤلمهم هذا الوضع أن يكون ملتقى نصرة الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني بوابة خير في استعادة الوعي -لاسيما داخل البيت الفلسطيني- بقيمة الأرض والعرض، بعيدا عن أسواق النخاسة التي ساهمت العولمة ومشاريع الشرق الأوسط المتعددة في تفريخها، ولن يكون هنالك شعور بتلك القيمة والقيم دون الحد من انبعاث إشعاعات سوء الظن والتخوين، لتخطي مرحلة الاحتباس الحواري نحو التوحد لاسترجاع العرض والأرض.