بعد أن كان الجميع ينتظر لائحة من التهم تكفي لإعدام شعب بأكمله، تم إلقاء القبض على صاحب موقع تسريب الوثائق السرية ''ويكيليكس'' بتهمة ''بايخة'' تصلح سيناريو لفيلم إحدى بطلاته الممثلة يسرا أو الفنانة القديرة والمحترمة شارون ستون. فبغض النظر عن التوقيت وبعيدا عن عقلية المؤامرة، لاشك أن المستفيد الأول والأخير من صاحب هذه العملية المخابراتية هي الولاياتالمتحدةالأمريكية وشركاؤها، التي جعلت من العرب ''قصة''، فهم سبب احتلال أفغانستان والعراق والوضع المتردي في فلسطين وكثير من بؤر التوتر في العالم، وهم المحرض الأول والأخير على ضرب إيران وتحطيم برنامجها النووي بحجة خطرها على السلم والأمن الدوليين. وبعيدا عن المسؤولية التي تتحملها الأنظمة العربية المفضوحة عبر هذه الوثائق، فقد تحول الرأي العام العربي والعالمي من الحديث عن جرائم الاحتلالين الأمريكي والصهيوني الذي أباد الملايين خلال سنوات لا تفوق أصابع اليدين إلى اشتغال بالنفاق العربي الرسمي الذي يعرفه العام والخاص، وتكفي لائحة التهم المنسوبة إلى مؤسس الموقع دليلا على دناءة اللعبة ودناءة المستفيدين منها، خاصة وأن سياسة ''التبواس العربي-العربي'' سلعة عربية بامتياز، والكل يعرف القبلي منه والبعدي. والنهاية التي لا يمكن أن يماري فيها أحد هو قيمة الإنسان الغربي، وتفاني السياسي وراء الضفة الشمالية في خدمة وطنه ومصالح بلاده الاقتصادية والعسكرية، وستبقى مجموعة الثمانية ناقص واحد مجموعة للثمانية ناقص واحد قبل ويكيليكس وبعده، وليبقى البرلمان الكويتي منشغلا بسن قانون حول لباس بحر محترم للنساء، بعد أن برهن المتهم باغتصاب سيدتين كما اغتصب أسياده كثيرا من الأوطان بأننا في الضفة الجنوبية نساء بلباس البحر أو بدونه.