دخل موقع ويكيليكس الإلكتروني المختص في نشر التقارير العسكرية السرية في تحد آخر مع البنتاغون الأمريكي يومين فقط بعد إصدار النيابة العامة السويدية أمرا دوليا باعتقال صاحبه الأسترالي جوليان اسانج بتهمة الاغتصاب. وأكد الموقع أمس أنه يعتزم نشر سبعة أضعاف الوثائق التي نشرها مؤخرا والتي قدرت ب400 ألف وثيقة في غاية السرية حول الحرب الأمريكية في العراق في نفس الوقت الذي أكد فيه أنه يتعرض لضغوط غير مسبوقة حيث طالب متصفحيه بمساندته حتى يبقى قويا في مواجهة هذه الضغوط. وتحدى جوليان اسانج الإدارة الأمريكية لأول مرة عندما نشر الصيف الماضي أكثر من 77 ألف وثيقة سرية حول خروقات القوات الأمريكية وتجاوزات جنودها ضد المدنيين الأفغان في تسريبات غير مسبوقة كان لها وقع الزلزال في أعلى هرم البيت الأبيض والبنتاغون اللذين صدما بذلك السيل غير المسبوق من الوثائق المنشورة على نطاق واسع. ولم يكن ذلك إلا أول تجربة لهذا الموقع الذي لم يكن معروفا قبل هذا التاريخ، حيث عاود الكرة ثانية بداية شهر سبتمبر الماضي بنشره لأكثر من 400 ألف وثيقة سرية ذات صلة مباشرة بالحرب الجارية في العراق منذ سنة .2003 وكان جوليان اسانج وعد بنشر 15 ألف وثيقة سرية أخرى تخص الحرب الأمريكية في أفغانستان وهو ما زاد في درجة القلق لدى مسؤولي البنتاغون الذين رأوا فيها تهديدا لسلامتهم ولضباطهم الذين مازالوا في الخدمة في هذا البلد. ولم يسبق في تاريخ الحروب في العالم أن تم تسريب مثل هذا الكم من الوثائق وبتلك الأهمية من السرية وفي وقت قياسي لأحداث مازال أصحابها يمارسون مهامهم وضحاياهم على قيد الحياة. ولم يُتمكن إلى حد الآن معرفة سر ومصدر هذه التسريبات وخلفياتها وما إذا كانت تحت الطلب أو بمبادرة شخصية من جهات داخل البنتاغون الأمريكي وأجهزة المخابرات الأمريكية ضمن صراع الأجنحة داخل الإدارة الأمريكية أو لمعارضين للحرب في العراق وأفغانستان. ولكن السؤال الأكبر الذي بقي دون إجابة منذ أن بدأ اسانج في نشر غسيل الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق هو: هل لم تتمكن أجهزة المخابرات الأمريكية من اكتشاف مصدر التسريبات؟ وخاصة إذا علمنا أن التعامل مع وثائق بتلك الأهمية يبقى محصورا في عدد لا يتجاوز عدد اليد الواحدة من الأشخاص وفي مراكز عليا من المسؤولية. وهي المصادر التي رفض اسانج إلى حد الآن كشفها وإن كانت الشبهات قد حامت حول برادلي مينينغ المختص في المخابرات الأمريكية والذي تم إلقاء القبض عليه شهر ماي الماضي بعد أن نشر موقع ويكليكس صورا لطائرة أمريكية وهي تطلق النار على مدنيين عراقيين في العاصمة بغداد مع أنهم لم يكونوا حينها يشكلون تهديدا عليها ولا على جنود أمريكيين على الأرض. ورغم توقيف مينينغ في أحد السجون بالقرب من العاصمة واشنطن إلا أن اسانج واصل نشر وثائق حديثة وبنفس درجة السرية بما يؤكد أن مصادر أخرى واصلت تزويده بالمعلومات التي رشحته لأن يكون رجل العام في العالم.