أعلن والي إحدى الولاياتالشرقية التي سجلت حرق مواطن لنفسه بالبنزين، أنه ألغى العمل بتحديد أيام معينة من قبل المسئولين لاستقبال المواطنين ودراسة شكاويهم، وأصبحت من الآن فصاعدا الاستقبالات على مستوى كل مؤسسات الخدمات العمومية تتم طيلة أيام الأسبوع. ومثل هذا القرار في الظرف الحالي يعد بمثابة ''ثورة'' ضد الدكتاتورية التي بلغتها الإدارة، بالرغم من أن ما أعلن عنه هذا الوالي يعتبر في بلد غير الجزائر ''لا حدث'' ولا يستحق حتى الذكر لكون استقبال المواطنين هو من صميم مهام الإدارات والبلديات والمؤسسات الخدمية. نقول ذلك لأنه لا يعقل أن مصالح رئاسة الجمهورية ومصالح الوزارة الأولى وكذا مختلف الوزارات توجد في نفس مرتبة أتعس بلدية في الجزائر، من حيث تحديد أيام الاستقبال المخصصة للمواطنين، والمحددة بيومين فقط في الأسبوع بالنسبة للجميع!!! . فإذا كان يفهم تخصيص الرئاسة ليومين فقط في الأسبوع لاستقبال شكاوي المواطنين، نظرا للملفات الثقيلة والكثيرة التي تسيرها مصالح رئاسة الجمهورية والتي تخص الداخل والخارج، فما هي الانشغالات التي تحول دون قيام الوالي أو رئيس الدائرة والبلدية أو مدير سونلغاز أو الجزائرية للمياه وغيرها من المصالح ذات الصلة الوثيقة بيوميات المواطن، من أن تكون أبوابها والاستقبالات فيها مفتوحة على مدار أيام الأسبوع والسنة. لقد كشفت شكاوي الذين أقدموا على حرق أنفسهم، وهي الطريقة الجديدة في وسائل التعبير بعدما تميعت طرق التعبير عن طريق الشكاوي المكتوبة أو بواسطة الرسائل المفتوحة غير المضمونة الوصول إلى أذان المسئولين، أن ما يطالب به هؤلاء المحتجون لا يستحق لتحقيقه لا الحرق ولا الإضراب عن الطعام ولا حتى رفع الصوت عاليا، لأنها مشاكل بسيطة جدا ولا تتعدى حدود منصب عمل في شبكة اجتماعية أو عقد ما قبل التشغيل، وهو أمر بمقدور أبسط بلدية الاستجابة له وإلا فإنها بلدية لا تستحق الوجود. صحيح أن هناك مشاكل لدى الجزائريين تتطلب مخططات إنمائية وطنية وأخرى تحتاج إلى مزيد من الصبر والانتظار، لكن صحيح أيضا أن الأغلبية الساحقة مما يشتكى منه المواطنون لا يحتاج سوى إلى كلمة طيبة، وكما يقول المثل'' اللسان الحلو يرضع اللبؤة''، أو أن يقوم المسئول ب ''طبطبة'' على ظهر المواطن الشاكي حتى يكسب قلبه ووده ويأخذ بخاطره، وهو فعل لا ينقص من قيمة المسئول ولا يكلفه أي سنتيم ومع ذلك لا يقوم به أغلب مسئولي البلديات والدوائر والولايات، لأنهم ربما من الذين يجدون ''لذة'' في رؤية الناس يتذللون أمامهم مما يغذي إحساسهم بالعظمة. ولهؤلاء نتمنى الهداية ليس إلا ونقول لهم ''لو دامت لغيرك ما وصلت إليك''.