يعيش المواطن الجزائري مع الدخول الاجتماعي الذي تزامنت فيه المناسبات خانقة مالية اشتكى منها العديد من العمال على مختلف شرائحهم، وهو ما أدى أيضا إلى خلق حالة من الابتكار والإبداع لا مثيل لها من أجل التكيف مع الوضع إلى درجة أن الكثير من أصحاب المهن الحرة يجدون أنفسهم مجبرين غير مخيرين على التحايل على البطالة بطرق كل الأبواب وبترك أرقام هواتفهم من أجل عرض خدماتهم على الزبائن لعدم قدرتهم على تخصيص بطاقات تمثل نشاطهم، وتكون مزودة بأرقام هواتفهم من جهة أو بكتابة إعلاناتهم وطبيعة نشاطهم على الطرقات العمومية وجدران الشوارع أو يقومون بتسريب أوراق تبين طبيعة نشاطهم حتى تحت أبواب البيوت. يشهد المواطن الجزائري العديد من التغيرات التي طرأت على الواقع المعيش في الآونة الأخيرة، والذي أفرز عدة ظواهر مهنية جديدة، خاصة فيما يتعلق ببعض المهن الحرة التي يعاني أصحابها من البطالة المقنعة، نظرا لقلة الزبائن الذين يقصدونهم فيضطرون إلى التعريف بنشاطاتهم بنوع من الإشهار المجاني الذي يمارسونه بكل حرية ومجانية في حياتهم اليومية كلما صعدوا سيارة أجرة ودخلوا محل ''طاكسيفون'' أو ... أو .... وكل الوسائل متاحة أمامهم من أجل كسب زبائن جدد حتى ولو كان ذلك بطرق أبواب البيوت أو بدفع بطاقات تحمل أرقام هواتفهم تحت أبواب البيوت. هذه الظاهرة التي تغلغلت في يوميات المواطن الجزائري لم يعد يستغربها أحد، بل انتشرت بسرعة البرق، إذ لا يكاد أي مكان عام يخلو من بعض الكتابات والألفاظ والعبارات المهنية، لذا قادنا الفضول لمعرفة رأي الشارع الجزائري في هذه الظاهرة ورصد المعلومات حولها بعد أن عرفت انتشارا كبيرا هذه الأيام من قبل حرفيين يتفننون في الكتابة على الجدران والطرقات، فهذا ''طراح'' وهذا لكراء كراسي الأفراح وهذا مصور يقدم خدماته بأسعار مغرية وذاك حداد وذاك دهان، وغيرها من المهن التي تدخل على بعض النشاطات التي يزاولها أصحابها، مما جلب أكبر عدد ممكن من الزبائن عبر كامل أنحاء الوطن .وأمام هذا الرواج الذي تشهده هذه الظاهرة، رصدنا آراء بعض من التقينا بهم وسألناهم عنها لأخذ انطباعهم ووجهة نظرهم تجاهها. فهذا ''عمي رابح'' الذي أجابنا قائلا ''خدمة النهار ما فيها عار وخدام الناس سيدهم'' وإن لم يملك العامل المال الكافي لوضع بطاقات تحدد مهنته بتناقلها بين الناس، فلا بأس أن يكتب على الحائط ما دام هدفه شريف ومهنته شريفة فيها خدمة له وللمواطنين. وأضاف: ''أنه خصيصا كنت بحاجة إلى طراح من أجل إعادة ''تطراح'' فراشي بعدما أصبحت زوجتي لا تقوى على ذلك فلم يكن بوسعي سوى أخذ رقم أحد ''الطراحين ''الذين تركوا أرقاما على الجدران وتمت الموافقة بيننا ولا بأس''. وانتهى بقوله أنه مادامت وسيلة للكسب الحلال ''فكل الطرق تؤدي إلى روما'' وهو نفس الرأي الذي عبر به ''رضا'' وأن الكتابة على الجدران ربما تكون حافزا للشباب نحو العمل بجدية، خصوصا وأن العمال الجزائريين من أصحاب المهن الحرة يكونون عاجزين ماديا في بداية حياتهم المهنية ويحتاجون إلى دفعة قوية من هذا النوع، لذلك يسعي هؤلاء إلى الإشهار لحرفتهم عن طريق هذه السبل لدعم مكسبهم المادي، وهي وسيلة آمنة، إلا أن ما يعاب على هذه الظاهرة أن هناك من يستغلها لأغراض غير شريفة كالمعاكسات عبر الهاتف ومحاولة إقامة علاقات غير شرعية. وهؤلاء من منعدمي الضمير قد أساءوا لهذه الوسيلة التي فقد الكثير من المواطنين للأسف ثقتهم فيها بعد أن تعرضوا لموقف مشين.