تظاهرات عدة تقام في مختلف جهات الوطن احتفاء باليوم الوطني للصناعة التقليدية المعتمد منذ مدة، والغرض منه إعطاء الاعتبار للصناعة التقليدية التي تركن على الهامش لسنوات طويلة، وأعيدت لها القيمة والأهمية من خلال آليات الدعم والمرافقة لخلق الثروة والقيمة المضافة والعمل. وتشمل التظاهرات المتعددة الأوجه الممتدة من السابع نوفمبر إلى الرابع عشر منه، صالونات ومعارض حرفية تعرف بالصناعة التقليدية الجزائرية من حيث أصالتها وتنوعها وثرائها وقدراتها على الإبداع والتكيف مع متطلبات المرحلة ومقتضيات الظرف الراهن، وهي واجهات تكشف، أيضا، مهارات الحرفيين ونوعية المنتوج المصنوع باليد حامل التمايز والخصوصية. وتظهر مضامين الابتكار في الصالون الوطني للإبداع المنظم بقصر الثقافة مفدي زكرياء منذ أمس إلى غاية 12 نوفمبر بمشاركة 100 حرفي يحمل الصناعة التقليدية في القلب ولا يعدل عنها رغم ظروفها الصعبة والغلاء الذي يطال موادها الأولية المستوردة بأثمان باهظة لا يقوى عليها الجميع. واشتكى، الحرفيون الذين غادر الكثير منهم المهنة لظروف قاهرة وما تبقى منهم يواجه مرارة منافسة غير نزيهة من أتعاب الصناعة التقليدية، لا سيما الفنية التي تحمل قيمة لا تقدر بثمن، سيما وأنها حامية الموروث الحضاري الثقافي للجزائر ولهويتها وانتمائها. وتجاوبت السلطات العمومية بالتدريج مع انشغالات الحرفيين من خلال اعتماد هيئات المرافقة والدعم، آخرها إعفاء المنتوج الفني من الرسم الجبائية تزيل عنه الاكراهات وكلفة التسويق، واشترطت على الحرفيين مقابل التسهيلات الممنوحة لهم، التعهد بنقل أسرار المهنة إلى الشباب من اجل الحفاظ على ديمومة الإنتاج والتواصل وحتى لا تموت الحرفة مع أصحابها فالكثير منهم طاعنون في السن. وظهر هذا جليا في إجراءات قانون المالية والبرنامج الطويل الذي يضع في الحسبان كيفية إحداث نقلة نوعية في الصناعة التقليدية وإخراجها من طابع الاكتفاء الذاتي والصنع للسوق الوطنية إلى التصدير إلى ابعد فضاء اقتصادي حر. وبفضل آليات المرافقة وتطهير المحيط من الأنشطة الطفيلية الدخيلة على الصناعة التقليدية بغرض الربح السريع وتكديس ثروة بلا وجه حق، عادت مؤسسات حرفية كثيرة إلى الوجود بعد سنوات التسيب والإهمال، وشرعت في خلق مناصب شغل والإنتاج، والأمثلة تعطيها مؤسسة الخزف بشرشال، ومؤسسات الخزف ببسكرة، لا سيما وحدتي القنطرة ومشونش. ويجب الاعتراف في هذا المقام بان الصناعة التقليدية اكبر القطاعات تضررا من تخلي الدولة عنها بسبب ظروف العشرية السوداء. واغلب الوحدات أغلقت بحكم الطارئ. وبعد تحسن الظرف عاد الاهتمام بالوحدات التي لها مؤهلات الإقلاع والنهوض، لكن الدعم والمرافقة لا تكفي للنهوض بالصناعة التقليدية، ويتعزز القطاع بأهل الاختصاص والمعنيين الذين يتوجب عليهم مراجعة العمل باعتماد ماكينات تنتج مواد حرفية نصف مصنعة تقويهم وتكسبهم تنافسية وهذه طريقة اعتمدها الحرفيون في الدول المجاورة محققين نتائج في غاية الأهمية، معززين مداخيل بلدانهم. إنها تجربة تسعى الجزائر جاهدة للاستفادة منها بغرض بلوغ صناعة تقليدية في المستوى ترافقها البنوك ليس فقط من خلال التمويل المحدود الخاص بالإنشاء، بل بتغطية تكاليف الإنتاج الغزير السامح بتلبية طلبات كثيرة من خارج الجزائر.