لم تأت رياح القمة الخاصة بالدول الفرانكوفونية في كيبك الكندية بما تشتهي سفن الأوساط الفرانكوفونية، ولم تنضم الجزائر رسميا إلى هذا الفضاء كما روج له الفرنسيون الذين اعتادوا إطلاق عبارات الغزل التي ظلت تردد عشية كل قمة، بالرغم من مشاركة بوتفليقة كضيف خاص في هذه القمة. منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي وفرنسا ترمي بكل ثقلها من أجل جر الجزائر إلى هذا الفضاء لغلق الحجرة الأخيرة في دومينو شبكتها المشكلة من مستعمراتها القديمة، لكنها في نفس الوقت تتجاوز كل الملفات العالقة التي تنتظر التسوية وفي مقدمتها قضية الاعتذار عن تاريخها الأسود في الجزائر. فرنسا التي تغازل الجزائر باسم المؤهلات الثقافية واللغوية تتجنب الحديث عن علاقات ندية ومصالح متبادلة بين دولتين مستقلتين ووفق ما يقتضيه العرف الدولي، وتريد خدمة بالمجان لأنها مازالت مريضة نفسيا ومهووسة بحب الاستعمار المتغلغل في لا شعورها، ولا تجد أدنى حرج في طرح هذه المعادلة الهجينة والمتناقضة، التي لا يقبلها إلا عقلها وعقل المزمرين والمطبلين لجنة الفرانكوفونية من المهووسين بلغة موليير ويحاربون لغة الضاد في السر والعلن، ويختصرون أزمة البلاد والعباد في هذه اللغة المسكينة المغلوبة على أمرها، لأنها جلبت التخلف للجزائر وخلقت الإرهاب والتطرف، وساهمت في التسرب المدرسي وفي تراجع مستوى الشهادات الجزائرية وهي السبب في كل النكبات والمصائب. الجزائر التي لها من الطاقات والإمكانيات الطبيعية ما يسيل لعاب واشنطن ولندن وباريس، تريد فرنسا إدخالها لرابطتها بدون مقابل وتحت شعار الثراء الثقافي واللغوي، ولأننا أحسن من يجيد الفرنسة في شمال إفريقيا على الأقل كان لزاما علينا حسب أهواء حفدة نابليون الدخول تحت المظلة الفرنسية رسميا، وأن نكمم أفواهننا بخصوص مطلب الاعتذار وأن نسكت على الدبلوماسي المتابع قضائيا في باريس، وأن نصبح مجموعة من القطعان ننساق حسب الطلب، هذه هي الرغبة الحقيقية لباريس لأنها لا تريد إلا هذا، ولو أرادت العكس عليها بتسوية الملفات الأساسية وإرساء تعاون ندي وقوي وعندئذ ستصبح مسألة الانضمام تحصيل حاصل.