تحيي الجزائر اليوم الذكرى ال46 ل"يوم إفريقيا" والتي تصادف ال25 من شهر ماي من كل سنة تحت شعار "من أجل إفريقيا مزدهرة وآمنة" ويتزامن هذا التاريخ مع ذكرى ميلاد أول منظمة إفريقية عام 1963 وهي منظمة الوحدة الإفريقية "سابقا" الإتحاد الإفريقي "حاليا" والذي يجمع العديد من الدول الإفريقية. ويأتي الاحتفال بيوم إفريقيا كل عام تأكيدا لصدق واستمرارية كفاح أبناء القارة الإفريقية الذين يمضون في طريقهم نحو تحقيق الحرية والرخاء والاستقرار بغض النظر عن المصاعب والمعوقات بشقيها الداخلي والخارجي كما يؤكد الاحتفال بيوم إفريقيا أن الأفارقة قادرون على تحويل آمالهم إلى حقيقة واقعة مهما طال الزمن. وفي ظل منظمة الوحدة الأفريقية سابقا بلغت حركات التحرر الوطني أوجها ونالت الكثير من الدول الإفريقية استقلالها كما قامت منظمة الوحدة الأفريقية بدور بالغ الأهمية في إشاعة الوحدة والتضامن بين الدول الإفريقية وتنسيق التعاون فيما بينها في مجال التنمية الاقتصادية حيث تم إقرار العديد من المعاهدات والاتفاقيات الاقتصادية ومن أهمها المعاهدة المؤسسة للجماعة الاقتصادية الأفريقية عام 1991 ثم تأسيس عدد من التجمعات الاقتصادية مثل تجمع الكوميسا لدول شرق وجنوب أفريقيا عام 1994، والسادك تجمع دول الجنوب الأفريقي والايكواس لدول غرب أفريقيا. والاحتفال بيوم إفريقيا هذا العام يتطرق أيضا إلى شعار "استثمار الزراعة من أجل النمو الاقتصادي والنمو الغذائي"، فمن المعروف أن الزراعة تعد النشاط الأول في إفريقيا حيث يعمل بها نحو 80 ? من القوى العاملة وتمثل 40 ? من الدخل الاقتصادي لكثير من الدول الأفريقية وتقدر نسبة مساحة الأراضي الصالحة للزراعة بحوالي 35 ? من إجمالي مساحة القارة ويستغل منها 7 ? في الزراعة بشتى أنواعها . وبالرغم من الأهمية البالغة للقطاع الزراعي في مكونات الحياة الاقتصادية والمعيشية فإن حجم الإنفاق عليها يعتبر شحيحا ولا يزيد في المجمل ماتنفقه الدول الإفريقية في ميزانياتها السنوية على الزراعة عن 35 ? بالنظر إلى اتساع الرقعة الجغرافية لإفريقيا وتنوع الأقاليم المناخية وارتفاع معدلات سقوط الأمطار في بعضها وخصوبة تربتها وجودتها. كما أن البيئة الزراعية في أفريقيا تتلاءم وتتناسب مع زراعة وإنتاج جميع المحاصيل والحبوب بكميات وفيرة. وقد أوصى برنامج التنمية الزراعية في إفريقيا بأن القارة بإمكانها مضاعفة إنتاجياتها الزراعية إذا ماوضعت لنفسها استراتيجية إفريقية مشتركة ووسعت الاستثمارات في هذا المجال. كما دعا إلى تخصيص 240 مليار دولار من الآن وحتى عام 2015 للاستثمار في الزراعة أي بمعدل استثمار سنوي يصل إلى 2,17 مليار دولار للرفع من درجة مساهمة الصادرات الزراعية. كما تم في أفريل الماضي إطلاق صندوق الاستثمار للزراعة في إفريقيا بميزانية تقدر بمليون و200 أورو والغرض من هذا الصندوق هو أن يعمل كمحرك لتمويل الزراعة الإفريقية ويأمل أن يصل رأسمال هذا الصندوق إلى 500 مليون أورو، ويضم هذا الصندوق كلا من المصرف الإفريقي للتنمية والصندوق العالمي للتنمية الزراعية "إيفاد" والوكالة الفرنسية للتنمية ومؤسسة التحالف من أجل الثورة الخضراء "أجرا". ويضع الاتحاد الإفريقي قضية تحقيق الأمن الغذائي للمواطن الإفريقي على رأس أولوياته في ظل أزمة الغذاء العالمية التي اجتاحت العالم العام الماضي فعلى الرغم من أن إفريقيا بها الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة إلا أن هناك 200 مليون إفريقي يعانون من أزمة نقص الغذاء. وعلى الرغم من أن مشكلة إفريقيا ليست في نقص الموارد وإنما في كيفية استخدام هذه الموارد مثلا الموارد المائية لايتم الاستفادة منها بالإضافة إلى أن العديد من الموارد الزراعية يتم تصديرها كمواد خام ثم يعاد استيرادها مصنعة بأسعار أغلى بكثير وهو مايعني أن هناك خللا عاما في الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة للقارة. ولهذا كانت قرارات قمة الإتحاد الإفريقي ال11 التي عقدت في شرم الشيخ في جوان الماضي أداة لتحقيق النهضة الزراعية الأفريقية ورفع مستوى المزارعين وتعزيز مستويات المعيشة والتنمية وبالتالي الأمن الغذائي لأفريقيا ككل ومن أهمها خفض عدد السكان الذين يعانون من سوء التغذية في افريقيا بنسبة 50 ? بحلول عام 2015 والقضاء على الجوع وسوء التغذية في القارة. وإذا كانت افريقيا تحتفل هذا العام بيوم إفريقيا فإن هذا لايتحقق إلا في ظل مناخ يتسم بالاستقرار وهدوء للأوضاع السياسية إلا أن ذلك لايتوفر الآن حيث تعاني دول القارة الإفريقية من العديد من المشكلات السياسية مثل الوضع في الصومال والسودان والتوتر الأخير بين تشاد والسودان. وعلى الرغم من كل هذه الأوضاع فإن الأمل موجود في حل تلك الصراعات وتحقيق التنمية المستدامة فالقارة الإفريقية بما تمتلكه من إمكانيات يمكنها أن تحتل مكانتها اللائقة على الخريطة الدولية.