كان سبتا أسود لدى سكان العاصمة قال عنها من فقدوا ذويهم بسبب الأمطار الطوفانية التي تحولت يومها إلى فيضانات، فيما أكدت سلطات بلدية باب الواد في تصريح ل ''الحوار'' بعد 7 سنوات من النكبة أنها نعمة على إقليم البلدية جاءت لتفك الخناق عنها وتحسن الأوضاع الاجتماعية للسكان بنقلهم إلى سكنات لائقة، وتجهيز البلدية بمرافق اجتماعية لم تتوفر الأرضية اللازمة لإنشائها قبل ذلك. حددت الحصيلة النهائية التي كشفت عنها السلطات بعد أحداث فيضانات 10 نوفمبر 2001 باب الواد وفاة ما لا يقل عن 680 شخص راحوا ضحية ظروف طبيعية من سوء الأحوال الجوية وتساقط الأمطار بغزارة، في شكل سيول جارفة جرفت معها في ساعات مبكرة من أول أيام الأسبوع من مختلف أنحاء أعالي العاصمة أجساد طلبة، تلاميذ، عمّال، كبار، صغار، خرجوا يومها ولم يعودوا إلى ديارهم إلا في توابيت من خشب أو لم يدخلوها بعد ممن لازالوا في عداد المفقودين. مساحة 52 عمارة تحولت إلى مرافق عمومية ومهما اختلفت أسباب الكارثة التي أجمعت مصادر مختلفة حينها على أنها ناجمة عن تقصير وعجز السلطات في مجال الوقاية، ملمحة إلى أن الكارثة لم تكن من فعل تقلبات السماء وحدها، فيما ذكرت أطراف أخرى أن سدّ مجاري وقنوات الصرف الصحي في حي باب الواد الواقع أسفل سفح الجبل الذي تدفقت منه سيول هائلة من مياه الأمطار المحملة بالأوحال كان أهم الأسباب الرئيسية في تأزم الأوضاع وبالتالي في ارتفاع حصيلة القتلى، حيث لن تمكن هذه القنوات من استيعاب كل ما جرفته المياه في طريقها ما أدى إلى تأزم الوضع أكثر، إلا أن النتيجة كانت واحدة واعتبرها سكان الحي العتيق نقمة عليهم، غير أنها كانت نعمة فيما بعد بمساهمتها في إعادة رسم الخريطة العمرانية والديمغرافية للمنطقة، حسب ما أكده نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية باب الواد ''مراد شنايت'' في لقاء خاص ل ''الحوار''. البلدية وهي تتذكر النكبة بعد مرور 7 سنوات تكشف عن مساهمة هذه الأخيرة في إعادة تأهيل المنطقة، حيث أوضح نائب رئيس البلدية أن نسبة التعمير بالإقليم كانت مائة بالمائة فلم تكن البلدية تتوفر على مساحات فارغة تخصصها لإنشاء مرافق عمومية لفائدة السكان كان نقصها أحد أهم العوامل المساهمة في انحرافات الشباب، إلا أن ما وقع في نوفمبر ,2001 قال شنايت، ساعد على تهديم غالبية البنايات الهشة حيث قدر عدد البنايات المهدمة بعدما تقرر أنها غير صالحة للسكن بتقرير من مصالح المراقبة التقنية لولاية الجزائر أزيد من 50 عمارة كانت تقطنها حوالي 1050 عائلة كانت تعيش ظروفا جد قاسية تخلصت منها بعدما تم ترحيلها من مراكز العبور التي تم إنشاؤها مباشرة بعد الأزمة إلى بلديات أخرى بالعاصمة كبلدية عين النعجة، بئر توتة، بني مسوس وغيرها. المساحات التي تم استرجاعها من طرف البلدية بعد عملية التهديم أقيمت عليها مشاريع ذات طابع اجتماعي كان السكان في حاجة ماسة إليها مثل المكتبات، والحدائق العمومية، دور الشباب، ملاعب رياضية والتي لازالت البلدية لا تتوفر على الإحصاءات الدقيقة عنها بما أن بعضها مازال في طور الإنجاز بعد الفترة الطويلة التي استغرقتها دراسة المشاريع. وحتى وإن تكبدت ولاية الجزائر ما قيمته 30 مليار دينار كخسائر مادية، إلا أن حجم هذه الخسائر يعد ضئيلا مقارنة بفك الخناق عن منطقة باب الواد إحدى أهم وأكبر بلديات الولاية. وسكان هجروا العاصمة هربا من مخلفات الصدمة من يلتقي سكان باب الواد في يوم ممطر من أيام السنة بعيدا عن أيام شهر نوفمبر، يلمس الخوف في قلوبهم خاصة أولئك الذين فقدوا ذويهم، والأمر ينطبق على جميع المواطنين الذين فقدوا عزيزا عليهم في ذلك اليوم الأسود، فالصدمات النفسية على بعضهم كانت قوية وظلت تأثيراتها البالغة تسيطر على حياتهم ولعبت دورا حتى في تغيير مسارها، فأولاد باب الواد الذين غادروها بعد تهديم بناياتهم لم يكونوا الوحيدين الذين غادروها مجبرين، فهناك غيرهم ممن فضلوا الرحيل عنها هربا من الذكريات سيما العائلات التي فقدت عددا كبيرا من أبنائها كما هو حال السيدة ''خداوج'' التي كانت تمتلك شقتين واحدة في باب الواد والأخرى ببلدية الأبيار كانت قبل 10 نوفمبر أما لأربع بنات ووجدت نفسها بعده وحيدة، حيث هلكت بناتها الأربع جميعهن في هذا اليوم، من بينهن ''أحلام'' البنت الكبرى التي كانت تستعد لزفافها والذي حدد تاريخه لشهر ديسمبر، جلسات العلاج النفسي المكثفة التي خضعت لها ''خداوج'' لم تأت بنتيجة تذكر فغادرت على إثرها العاصمة كلها متوجهة إلى ولاية ''بجاية'' مسقط رأسها هربا من الماضي ومن الذكريات الأليمة. ''خداوج'' ليست الوحيدة التي هجرت باب الواد هربا من الصدمة، فكما علمناه من بعض المواطنين بالبلدية أمثالها عديدين فحتى وإن لم يهجروا العاصمة، غادروا منازلهم متوجهين إلى مناطق أخرى ولم يعودا إليها منذ ذاك التاريخ وكأنها منطقة محرمة.