حذر أمس صندوق النقد الدولي من تأثير انخفاض أسعار النفط وما سينجم عنه من تراجع في مداخيل الخزينة العمومية من المحروقات، وفي ختام زيارة سنوية قام بها وفد عن الأفامي للجزائر لتقييم أداءها المالي، ثمنت الهيئة المالية الحذر الذي تتوخاه الجزائر في تسير موارد صندوق ضبط الإيرادات الذي قال أنه سيجنب الجزائر اللجوء إلى الاستدانة لاستكمال تنفيذ برامج التنمية، في حال طال عمر الأزمة المالية العالمية، التي استبعد أن تخلف آثارا سلبية على الجزائر على المدى القصر. قدمت بعثة صندوق النقد الدولي، في ختام زيارته إلى الجزائر التي امتدت من الرابع نوفمبر الجاري إلى 12 من نفس الشهر في إطار المحادثات السنوية مع الدول الأعضاء، جملة من الملاحظات حول الوضعية المالية للجزائر وأداء هذا القطاع في ظل المؤشرات والتحولات العالمية في مقدمتها التراجع الحالي في أسعار النفط المتزامن مع الأزمة المالية العالمية. ولم يختلف تقييم صندوق النقد الدولي الإيجابي على العموم لأداء القطاع المالي الوطني عن سابقيه على مدار السنوات القليلة السابقة، لكنه بالمقابل أبدى هذه المرة نوعا من الحذر في التعليق على انعكاسات السلبية التي قد يتعرض لها الاقتصاد الوطني في حال استمرت أسعار النفط في التراجع وطال أمد الأزمة المالية، وضمن هذا السياق قال رئيس بعثة الأفامي إلى الجزائر "جويل توجاس برناتيه" خلال ندوة صحفية نشطها أمس "إن الجزائر تسجل منذ عدة سنوات نتائج اقتصادية جيدة"، معربا عن تأييده للسياسة التي تتبناها الجزائر في مجال تسيير احتياطات الصرف والتي وصفها ب "الحذرة". ولم يستبعد رئيس بعثة الأفامي إمكانية تأثير تراجع أسعار النفط التي تتجه نزولا دون ال 50 دولارا في تقليص مداخيل الجزائر من المحروقات وهو ما سيكون له الأثر البالغ على مدى قدرة الجزائر في تمويل واستكمال برامج الاستثمار العمومية المدرجة في مخططات التنموية الجاري تطبيقها منذ سنوات، لكن ممثل صندوق النقد الدولي عاد ليؤكد أن الراحة المالية التي تعيشها الجزائر في السنوات الأخيرة والتزامها بالحذر في صرف موارد صندوق الإيرادات سيتيح للجزائر ضمان تمويل مشاريع مخططات التنمية. كما ثمن الصندوق ضمن نفس السياق عدم إنشاء السلطات لصناديق سيادية، "فلو وضعت العائدات النفطية في هذه الصناديق، لما أمكن توظيفها الآن" على حد قول رئيس بعثة الأفامي الذي قال إن "قطاع المالية في الجزائر لن يتأثر كثيرا من عدوى الأزمة المالية العالمية" وإنما يتعين الالتزام بمرونة سياسات الاقتصاديات الكبرى في حالة تراجع هام للعائدات البترولية. وأبدى الأفامي تفاؤله بخصوص توقعات الاقتصاديات الكبرى للجزائر خلال 2009، حيث رجح ارتفاع نسبة النمو خارج المحروقات إلى 06 بالمئة وذلك في حال استمرار الاستثمارات الهامة، مقابل ارتفاع نسبة النمو الإجمالي إلى 3 بالمئة، كما توقع بقاء نسبة التضخم تحت عتبة 4 بالمئة، التي أكد ممثل الأفامي أنها الأضعف في المنطقة، مثمنا سياسة الجزائر في التحكم في غلاء الأسعار عبر العالم والحرص على تطبيق دعم أسعار المواد الأساسية والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن. وبخصوص السياسة التي تنتهجها الجزائر في تسيير أموال احتياط الصرف الذي كثيرا ما كان محل انتقادات وجهة للأداء المالي للجزائر من طرف العديد من الأوساط في الداخل والخارج، غير أن موقف الأفامي جاء مغايرا، حيث قال برناتيه بعدما ذكر بمستوى احتياطات الصرف التي بلغت 135 مليار دولار، "أن الوضع المالي للجزائر جد صلب لكنه وبالمقابل لم يتردد في توجيه نقد مباشر لاتساع نفقات التوظيف والتجهيز، سيكون من بين النقاط المدرجة ضمن تقرير حول الجزائر سيسلّم إلى مجلس إدارة الصندوق في شهر جانفي المقبل، بعدما كان تسيير القطاع المالي في الجزائر محور محادثات جمعت وفد الأفامي مع عدد من مسئولي القطاعين المالي والاقتصادي على مدى الزيارة التي استمرت ثمانية أيام.