احتفت الاوساط الثقافية في الجزائر هذه الايام بقدوم الروائي المصري الكبير علاء الاسواني الذي عمد الى تاسيس مفهوم اخر للكتابة الروائية منتهجا طريقة اخرى للخوض في اعماق المكان والانسان معا, ليخرج في النهاية باعمال روائية تشع بمهارات جديدة فتضيف قيمة وجماليات مبتكرة للنص الادبي.. واذا كانت اعماله الروائية خاصة منها عمارة ياعقوبيان و شيكاغو قد اثارت زوبعة نقدية في الاوساط الثقافية العربية لاغراقها في التفاصيل الجنسية و اسهابها في وصف مشاهد حميمية ساخنة بين الشخوص فهي بالمقابل قد حققت ارقاما قياسية في المبيعات وشهدت رواجا منقطع النظير عبر ارجاء العالم بعد ان ترجمت الى ازيد من عشرين لغة .ولمعرفة الموقف المجابه لهذه الانتقادات و هذه النجاحات استغلت الحوار فرصة عقد الكاتب ''علاء الاسواني'' جلسة بيع بالاهداء نظمتها له اول امس مكتبة العالم الثالث بالعاصمة. سألناه في الاول على سبب تهافت العنصر النسوي على اعماله بعد ان لاحظنا ان طابور الراغبين في تسحيل اهدائه على رواية شيكاغو التي حققت بالمكتبة المذكورة مبيعات خيالية رغم سعرها المرتفع 2300 دج كان اغلبهم من النساء ابتسم و قال بصوته الاجش الذي يتماشى تماما و هيأته الفارعة الفرعونية : نعم هذه حقيقة لقد اظهر احصائيات اجرتها مكتبات عدة في الخارج ان اغلب قرائي نساء موضحا ان هذا الامر لا يقتصر عليه ففقد كمبدع فالمراءة تعد بالنسبة لاكبر الكتاب عبر العالم قارئة نموذجية ومواضبة وشغوفة وذلك راجع حسبه لتكوينها ككائن مرهف و بالغ الحساسية و على درجة عالية من الذكاء و دقة الملاحظة . اما كيف واجه الاسواني تلك الاراء والانتقادات التي لم تستسغ المشاهد الجنسية الجريئة التي اسهب الكاتب في وصفها وذهبت حد اتهامه بالاباحية اوضح لنا انها لم تاثر عليه و هي راجعة في نظره الى الوعي المسطح الذي يتصف به هؤلاء اتجاه الادب كفن وكصنعة، فالرواية بالنسبة للاسواني لابد ان تخترق و تمس كل شيئ يتعلق بالانسان والانسانية، والرواية كما اضاف تعد في الاول والاخير منتوج ابداعي يعبر عن رؤى تخص المبدع وتعكس ادراكه الخاص للاشياء وللعالم موضحا في هذا السياق ان الفن ممارسة اجتماعية وتعبير عن الواقع الذي نعيش فيه . من قرا الاسواني لابد ان يتفطن لتلك العلاقة الجديدة التي ارساها بين المبدع والقارئ تفسر الاسواني ذلك بتخليه عن الاشكال التقليدية للكتابة و ذلك رغم نهمه لقراءة الابداعات الكلاسيكية / نجيب محفوظ وهمنغواي/ على سبيل المثال و ذلك ما جعل له طريقة خاصة في استعمال الغة بشكل انسيابي يميل الى التبسيط مما يوحي ان الكاتب كان يكتب بنوع من الثقة والاريحية التي قد تزيد احيانا عن حدها . ويرى الاسواني انه صار للكاتب و الكتابة مفهومات معاصرة تتماشى و روح العصر وتخدم متطلبات و تكوينات انسان العصر المطالب في هذه اللحظة العولمية بالانفتاح و التعرف على نفسه وعلى الاخر بطريقة ايجابية مثمرة تجعله مشاركا لا ملحقا. و على القارئ العربي ان تعيا اذا كان للعمل الفني العربي وحدة كلية فلابد ان يستوفي كلما في الحياة و كلما في اليوم الذي نعيشه بكل تناقضاته واشكالاته وزخمه. والازدواجية التي يحياها القارئ العربي على حد قول الاسواني أي انه يحب ان يقرا هو يمنع اخته او ابنته من قراءة روايتي مثلا مثل هذه الذهنية تخلق لديه نوعا من المازقية لذا لابد من تخليص المقروئية من هكذا تناقض حيث لنفسه ما لايسمح به لغيره. يذكر أن علاء الأسواني قدم الى الجزائر في اطار دعوة تلقاها من دار نشر القصبة وتميزت زيارته هذه وهي الاولى من نوعها بتقديمه للعديد من المحاضرات و اشرافه على عمليات بيع بالاهداء لروايتيه '' عمارة يعقوبيان و شيكاغو '' بالتنسيق مع عدة مكتبات وينتظر ان ينتقل ضيف الجزائر الى مدينة قسنطينة للقاء قرائه و تنشيطه لعدة جلسات ادبية.