منذ أحداث 11 سبتمبر أصبحت ظاهرة الارهاب المصطلح الأكثر تداولا، وقادت بموجبه أمريكا حروبا في أوطان تبعدها بآلاف الأميال تحت ذريعة تجفيف منابع الارهاب، ورغم كثرة الآراء والمصطلحات محاولة منها لتوضيح مفهوم الإرهاب، إلا أنه لحد الآن ليس هناك تعريف جامع وشامل، ومع أن الكثير من الباحثين والمختصيين اجتهدوا في إيجاد ما يزيد على مائة تعريف، إلا أنها بعيدة عن تحديد مفهوم الإرهاب تحديدا دقيقا ومضبوطا.. من بين التعريفات التي تم تداولها أن الإرهاب هو الأعمال التي من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بالخوف من خطر ما بأي صورة، والإرهاب يكمن في تخويف الناس بمساعدة أعمال العنف، والارهاب هو الاستعمال العمدي والمنتظم لوسائل من طبيعتها إثارة الرعب بقصد تحقيق أهداف معينة، كما أن الإرهاب عمل بربري شنيع، وهو أيضا عمل يخالف الأخلاق الاجتماعية ويشكل اغتصابا لكرامة الإنسان ... ما حدث في بومباي الهندية لاشك في أنه من بين أكثر الجرائم الإرهابية عنفا ودموية، بتجاوز أعداد القتلى 190 شخص ومئات الجرحى، وما حدث في بومباي جاء من جديد ليؤكد أن كل دول العالم ليست في منأى من هذا الاخطبوط الذي أصبحت أياديه طويلة لدرجة تستطيع أن تضرب في أي مكان وزمان .. معركة بومباي التي أسفرت عن حمام دم، جاءت أيضا لتؤكد على ضرورة التحرك الدولي الجدي للعمل على مواجهة والحد من الظاهرة التي لا تعترف بدين أو بلون أو بحدود، وتعرض اقتصاديات دول بأكملها للخطر ... بعد أحداث 11 سبتمبر التي نسفت مركز التجارة العالمي في منهاتن، ظل العمل على مواجهة الظاهرة يدور في أفق ضيق ووفقا للمنظور الأمريكي، الأمر الذي جعل المواجهة مهمة شاقة للغاية .. الآن، وبعد الأحداث الدامية الأخيرة في الهند، ينبغي أن تكون هناك نظرة شاملة للقضية، يتساوى فيها الضعفاء والأقوياء ممن اكتوى بنار الإرهاب .. إرهاب الجماعات وإرهاب الدولة سيان، والذي لا يجب بأي شكل من الأشكال أن تنال تغطيته ليشمل المقاومة المشروعة في مشارق الأرض ومغاربها، بتحديد الظاهرة أولاً وتعريفها بشكل واضح ووضع طرق محددة للتعامل معها.. وهنا تنبغي الإشارة إلى أن الجزائر التي عانت طويلا من ظاهرة الإرهاب، ووقفت لوحدها في مواجهته، وسط حصار دولي غير معلن، تفطنت بذكاء إلى ضرورة إيجاد تعريف موحد للظاهرة، وقد سبق للرئيس بوتفليقة أن طالب مرارا وتكرارا بإيجاد تعريف دقيق للإرهاب تتفق عليه جميع الدول الأعضاء، وأكد في احدى كلماته أن هناك من يتذرع بالإرهاب لمحاربة الإسلام، وهناك من يستغله لغزو البلدان، وقال بوتفليقة إنه عندما تتفق الأممالمتحدة على تعريف للارهاب يمكن ساعتها الاتفاق على''تحالف بين الحضارات'' يحمي كل الاطراف من الإرهاب... من هنا فإنه رغم الفاجعة التي عانتها الهند جراء أحداث مبومباي، والتي زلزلت وجدان الانسانية، إلا أنه يجب عدم الاكتفاء بالشجب والإدانة والاستنكار، بل يجب العمل بقوة من أجل مقاومة هذا الشبح المخيف الذي يستهدف الأبرياء ويهدد أمنهم بعملياته الإجرامية، التي ليس لها أي مبرر على الإطلاق...