بالرغم من أن الإرهاب كان يزهق الأرواح، ويروع الآمنين، ويدمر المنشآت، إلا أنه لم يتصدر قائمة الأخطار التي تهدد البشرية إلا بعد أن ضُربت رموز القوة الأمريكية في 11 سبتمبر 2001، بتدمير برجي التجارة العالمية في نيو يورك وجزء من مبنى البنتاغون )وزارة الدفاع( في واشنطن! بعد تلك التفجيرات الآثمة التي أثارت صدمة هائلة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي أغلب دول المعمورة، أكد الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش الصغير، أنه سيشن حربا عالمية ضد الإرهاب، وسيجند كل إمكانيات العملاق الأمريكي لهزيمة الإرهاب، والقبض على قادته ورموزه ومحاكمتهم، أو القضاء عليهمْ... ولم تستغل إدارة الولاياتالمتحدةالأمريكية أجواء التعاطف العالمي معها بسبب فظاعة الدمار الذي أغرق الأمريكيين في ألم المأساة، لوضع تعريف أو تحديد لمفهوم الإرهاب، وتوحيد الجهود الدولية للتصدي له، وتجفيف منابعه، ولكن إدارة بوش فضلت التصرف بطريقة انفرادية، معتمدة على الحلول العسكرية الأمنية، وأعطت الانطباع بأنها جدّدت، بذلك، الحروب الصليبية بسبب الخلط المتعمد بين الإرهاب والإسلام، دين أكثر من مليار ونصف مليار من الموحدين في كل قارات العالم. ولا يبدو أن أمريكا في عهد رئيسها الجديد باراك أوباما الذي علقت الإنسانية آمالا كبيرة على وعوده في تغيير السياسة الإمبريالية الأمريكية، وإعطاء الأولوية للدبلوماسية السلمية والحوار الحضاري في ميدان علاقات الولاياتالمتحدةالأمريكية -أكبر دولة في العالم- مع العالم الإسلامي بصفة خاصة، وبقية دول العالم بصفة عامة. إذ مازال مفهوم الإرهاب خاضعا للغموض، والميوعة، والخلط، والتأويلات السياسية والأيديولوجية! فعندما يتهم فرد مسلم بارتكاب عمل إرهابي، أو حتى بنية القيام بعمل إرهابي، يتم تجريم أمة ودين بكامله، كما حدث –على سبيل المثال- مع محاولة المواطن النيجيري المسلم عمر فاروق تفجير طائرة ركاب أمريكية، فلجأت السلطات الأمريكية إثر ذلك إلى وضع مواطني 14 دولة مسلمة في قائمة المشتبه بهم في مطارات الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتصنيفهم في خانة الإرهابيين المحتملين. ولكن عندما تقوم الولاياتالمتحدةالأمريكية بقتل عشرات أو مئات المدنيين في باكستان، وأفغانستان، والصومال...وغيرها، بطائرات بدون طيار، يعتبر ذلك عملا حربيا مشروعا لا يستحق الاستنكار والإدانة. أليس الإرهاب هو قتل الأبرياء ظلما وغدرا ودون تمييز؟! أليس من الغدر والجبن أن قتل الأبرياء بواسطة طائرة تظهر فجأة في السماء وتزرع الموت والدمار دون رادع ولا ضمير؟! فهل لو كان المقاتلون الذين تسميهم أمريكا إرهابيين يملكون مثل هذه التكنولوجية العسكرية المتطورة ثم استخدموها ضد مواطني الولاياتالمتحدةالأمريكية، أو حلفائها من المحتلين لأفغانستان والعراق، كان ذلك سيعتبر مجرد عمل حربي وليس إرهابا؟! فماذا يبقى من الحضارة عندما يصبح حق القوة هو الذي يحدد المفاهيم ويقيم الموازين؟!. رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين