لقد تم اختيار ولاية تموشنت لإقامة أول مشروع على مستوى إفريقيا في مجال تربية الكلاب البوليسية وترويضها وتدريبها على مكافحة الجريمة و الذي بدأت أشغاله في 20 /02 / 2008 بقرار من مديرية الأمن الوطني على مساحة 68286,42 م بغلاف مالي يقدر ب200 مليون دينار جزائري على أن ينتهي خلال شهر جوان المقبل بتأخر 04 أشهر عن موعده الحقيقي المقدر ب 12 شهرا. هذا المشروع الذي عاينه العقيد علي تونسي نهاية الأسبوع الماضي والذي يعلق عليه أمالا كبيرة في تكوين 240 كلب سنويا في مكافحة الجريمة مختلفة الأنواع، ظننا ونحن نزور ولاية عين تموشنت أن ذلك مرتبط بالمناخ لوحده لكن زيارتنا الميدانية وأسئلتنا للسيد العقيد جعلتنا نحقق في واقع هذه الولاية المنبثقة عن التقسيم الإداري لسنة 1984 والتي تحوي مساحة 2371.34كلم مقسمة إلى 28 بلدية يقطنها حوالي 360 ألف نسمة، تعمقنا في واقع عين تموشنت جعلنا نقف على أنها تحولت إلى معبر للجريمة ومركز لها وأن اختيارها كموقع للمشروع كان لعدة اعتبارات، خصوصا وأن سجل الولاية غني بجرائم كبيرة لا تعكس حجم هذه الولاية الهادئة التي يسترها البحر المتوسط من الشمال على امتداد 80 كلم. سواحل تموشنت نقطة انطلاق قوارب الموت ومركز تمرير المحظورات تمتد سواحل عين تموشنت من سواحل بوزجار شرقا إلى غاية الوردانية غربا على مسافة 80 كلم بقدر ما هي جميلة فهي نقطة مفضلة للمهربين والمجرمين نظرا لتحولها لأول نقطة انطلاق للحراقة الذين يختارون السواحل غير المحروسة للإبحار طمعا في بلوغ سواحل أوروبا، وتسجل شواطيء بني صاف أكثر السواحل استقطابا للمهاجرين الحراقة خصوصا بعد تولد شبكات تتاجر بأرواح الأبرياء، ولعل المدعو بطاطا السلفي قد بلغ خبره الآفاق، كما عالجت محكمة بني صاف مؤخرا قضية احتيال من طرف أحد البحارة الذي غرمته المحكمة ب 18 شهرا حبسا نافذا بعدما نصب على مجموعة من شباب وهران وسلبهم مبلغ 18 مليون سنتيم مقابل رحلة بحرية وهمية، وتفاجئنا ونحن نعد تحقيقنا هذا بمصالح الدرك الوطني لبني صاف وهي توقف شبكة من 07 عناصر مختصة في مساعدة الشباب على الهجرة السرية مقابل مبالغ مالية، والأكثر مفاجأة هو أنه من أصل ال07 الموقوفين نجد 05 من جنسية مغربية مقيمين بالجزائر بطريقة غير شرعية، هذا وكشفت مصالح الدرك الوطني أن شواطيء بني صاف وولهاصة وبوزجار أصبحت مركزا لتنقل قوارب الموت مما أرغم مصالح الدرك عى التكثيف من نشاطها ودورياتها ونقاط المراقبة، ويضاف إلى ظاهرة الهجرة ما تلفظه هذه الشواطيء من أجساد بشرية معفنة انتهى بها المطاف إلى الغرق بعدما خانها الحظ في الوصول إلى بلاد الجن والملائكة، كما تحولت السواحل إلى طريق لنقل المخدرات بعدما فشلت الشبكات في اختراق الحواجز الأمنية على الطرق البرية. حيث تمكنت مصالح حرس الحدود هذه السنة من حجز قاربين لشبكات تهريب المخدرات، كما لفظت أمواج البحر كميات هامة بكل من شاطيء سيدي جلول ومدريد والأخطر من ذلك أن تتحول شواطيء تموشنت إلى تهديد الأمن الوطني، حيث عثر أعوان الدرك الوطني على 08 قنابل بدوية ذات صنع اسباني جرفتها أمواج البحر إلى شاطيء تارقة، هذه القنابل التي تحمل في مقدمتها فتيل بطيء الاشعال موصول بقاعدة حديدية مملوءة بمواد متفجرة يستعمل في صيد السمك من قبل الصيادين الإسبان لكن خروجه للبر يمكن استغلاله من قبل الشبكات الإرهابية في تفجيرات تهدد حياة أبرياء. طريق تهريب المخدرات وسيارات طيوان يعتبر الطريق الوطني رقم 02 الذي يربط تلمسان بعين تموشنت أحد أكبر الطرق على مستوى الغرب الجزائري من حيث الكثافة المرورية لكنه تحول إلى ممر لبارونات المخدرات التي تنقل سمومها من المغرب نحو المدن الداخلية، حيث تمكنت مصالح الدرك من توقيف عدة بارونات للمخدرات مطلوبين لدى العدالة، كما تم حجز عدة قناطير من الكيف والمواد الممنوعة والمهربة، ناهيك عن الألبسة والمواد الغذائية المهربة من المغرب وبتكثيف المراقبة على هذا الطريق حولت الشبكات طريقها صوب الطريق الوطني رقم 96 المار عبر دائرة بني صاف والذي حجزت به مصالح الأمن عدة مواد ممنوعة وكميات كبيرة من المخدرات والألبسة والمواد الغذائية كالبرتقال والزيتون، وأكثر من هذا فقد تحولت هذه الطرق إلى معبر لمهربي السيارات المزورة والوثائق التي تسرق من إسبانيا وأوروبا وتدخل المغرب، أين يوجد مركز خاص لتزوير رقمها التسلسلي قبل أن تدخل الجزائر، وسيعمل المهربون على تمريرها بحيل مختلفة نحو وهران، حيث يتم استحداث مواكب أعراس وهمية لتفادي المراقبة، ومن أهم السيارات المهتمة بالتزوير، المرسيديس، لاقونا، رونو25 حيث تباع بوهران والشلف بأثمان بخسة، أما الشاحنات فتهرب على شكل قطع غيار ليتم إعادة تركيبها بوهران، وقد حجزت مصالح درك بني صاف مؤخرا 10 محركات للشاحنات وعدة علب سرعة كانت بصدد إدخالها نحو وهران. .. وفرق للاختلاسات والجريمة المنظمة بالمرصاد بعيدا عن جرائم التهريب والمخدرات سجلت مصالح الدرك الوطني قضايا اختلاس كبيرة هزت عدة مؤسسات مالية، ولعل فضيحة صندوق الخدمات الاجتماعية يعد الأكبر بالولاية، هذه القضية التي عالجتها مصالح الدرك وقفت خلالها على ثغرة مالية تقدر ب22.5 مليار سنتيم اختلست من اشتراكات العمال بمؤسسة عمومية لا يزال التحقيق جاريا بها بعد اكتشاف مسؤولين يحولون الأموال التي يقتطعونها من رواتب وأجور 700 عامل إلى حساباتهم، خصوصا وأن الاقتطاعات تقدر ب 2٪ من أجور العمال منذ سنة 1997 إلى 20008 مما جعل تراكمها يصل إلى 22.5 مليار سنتيم، وكان المسؤولون يقومون بتضخيم الفواتير وتزويرها، هذه القضية التي جرت 30 موظفا أمام العدالة تعد الأكبر، لتليها قضية بنك بدر الكائن ببلدية العامرية أين قام المحاسب الرئيسي باختلاس غلاف مالي بالعملة الصعبة قدر بحوالي 32 ألف أورو إثر قيام هذا الأخير بتضخيم أرصدة الزبائن لتسهيل الحصول على التأشير، وقد تبين تورطه مع 23 زبونا وأمين الصندوق بنفس المؤسسة، كما لم ينج مسؤولوها في قضية مماثلة. بني صاف وبيع الإسمنت المغشوش تعرف مدينة بني صاف الساحلية بمصنع الإسمنت الذي يعد مفخرة لهذه البلدية، إذ يساهم في تدعيم مداخيل هذه البلدية وتوفير عدة مناصب شغل لسكان المنطقة، لكن في المدة الأخيرة تحول هذا المصنع إلى علامة تجارية مسروقة لتغطية نشاطات شبكات منظمة اتخدت من منتوجات هذه المؤسسة وسيلة للربح بطريقة غير شرعية عن طريق تقليد علامات المصنع بعد أن توظف الشبكات بعض الأطفال في جمع الإسمنت الممزوج ببقايا آلات الخلط ، هذا وقد استغلت الرؤوس المسيرة لهذه الشبكات سجلات تجارية لمقاولين مزورين بغية الحصول على كميات كبيرة من الإسمنت باسم مشاريع وهمية ويتم خلطها ببقايا الآلات في مستودعات بمزارع قريبة من المصنع، أين يتم تعبئتها في أكياس فارغة يتم شراؤها من السوق السوداء ب 20دج للواحد. كما تمكنت مصالح الدرك من حجز حوالي 400 طن من هذا الإسمنت وأوقفت 06 أشخاص الذين أكدوا أن هناك عشرات الأطنان التي تم تسويقها بعد تعبئتها في أكياس قلدت عليها علامات المؤسسة الأم، وحسب المعلومات الأولية فإن التحقيقات لا تزال متواصلة للوصول إلى الرؤوس التي تقف وراء هذه الشبكة والتي من الممكن أن تسبب تضاعفا من آثار الكوارث كالزلازل مثلا، خصوصا وأن المنطقة عرفت زلزالا عنيفا خلال شهر رمضان من سنة ,1999 الأمر الذي جعل مصالح الأمن المشتركة دائما يقظة بالمنطقة لتوقيف هذه الشبكات التي لا تختلف عن شبكات المخدرات والحراقة التي تهدد حياة مئات المواطنين عن طريق الغش في مواد البناء. مركز الأنياب وتحديات القضاء على الجريمة يعتبر مركز الأنياب الذي تم اختيار عين تموشنت لاحتضانه من أهم المشاريع التي تعلق عليها المديرية العامة للأمن الوطني آمالا كبيرة في مكافحة الجريمة خصوصا وأن العقيد تونسي أكد خلال إشرافه على تدشين مركز أمن العامرية أن هذا المركز سيعمل على تدريب 240 كلب في مرحلة أولية، كما أنه سيدرب مئات الكلاب المكافحة للجريمة خصوصا المخدرات والتزوير والمتفجرات. ومن شأن هذه الكلاب أن تدعم مصالح الأمن المختلفة في محاصرة شبكات الجريمة والتهريب المختلفة التي حولت بعض مناطق البلد إلى بؤر شبكات الجريمة المنظمة، كما تدخل هذه الخطوة النوعية في باب عصرنة مصالح الأمن وتمكينها من مواكبة آخر التطورات والاستفادة من كل ما من شأنه حماية أمن المواطن والاقتصاد الوطني.