الكتابة عن الكلاب البوليسية ،و إنجاز ربوتاج عنهم فرضه الدور الذي تلعبه هذه الحيوانات في قمع الجريمة ،خاصة و أن المعلومات المتوفرة لدى " الشروق اليومي" تفيد أن العديد من قادة طائرات تابعة لشركات طيران أجنبية يرفضون الإقلاع قبل قيام الكلب بمهمة تفتيش الأمتعة و الكراسي ، ووقفنا فعلا على العمل الذي تقوم به و الجدير بالتعريف به ،و لأن بعض القراء قد يكونون مثلي ، يجهلون وجود كلاب بوليسية متخصصة في مكافحة الجريمة و لكل مجالها ، خاصة الكلاب المتخصصة في مكافحة المتفجرات. لأنها تبحث عن المواد المتفجرة بحاستها و عندما تعثر عليها ، لا تقوم بالنباح بل تقف فقط أمام المتفجرات لأن ذبذبات نباحها قد تؤدي إلى إنفجار و هي تدرك ذلك ، و لم تكن لهذه الكلاب ،أن تكون فعالة لو لم تجد تأطيرا جيدا ، لتبقى أبرز مهامها التي أطلعنا عليها ، التعزيز الأمني لزيارات الوفود الرئاسية و الرسمية ، و تفتيش الأمتعة و السيارات و مسالك المواكب بالمطارات و الموانئ ، و حفظ النظام العام بالملاعب و تفتيش المدرجات و المنصة الشرفية قبل دخول الجمهور ، و بفضل هذه الكلاب ، تم حجز كميات كبيرة من الزطلة و أسلحة ، كانت مخبأة بإحكام ، و قد تمت الاستعانة بهذه الكلاب خلال الكوارث الطبيعية أبرزها زلزال 21 ماي الذي هز العاصمة و بومرداس في مجال البحث عن الجثث . إلتقينا خلال إنجاز هذا الربورتاج ، " روبي" ، ، "شامان" ،"زاد" و" أوريس" ، هي كلاب بوليسية من مجموع الكلاب التي تتوفر عليها فرقة الأنياب بالوحدة الجمهورية الثانية للأمن بالدارالبيضاء لا تتمثل مهامها في الحراسة أو القبض على اللصوص ، وخضعت للتدريب و التربص و التخصص ، لديها نظام " عمل" خاص ، و عندما ترتدي صدرية زرقاء ، تدرك هذه الكلاب أنها في مهمة عمل ، و يمنح لها ممرنها لعبتها و هي عبارة عن قضيب صغير ، كمكافأة لها على أداء عملها بصورة جيدة ، تسللنا إلى هذا العالم ، الذي رافقنا إليه عميد شرطة حكيم غريب ، ضابط شاب ، لكن أوكل له منصب قائد الوحدة الجمهورية الثانية للأمن بالدارالبيضاء ، و لفت إنتباهنا خلال تواجدنا بمقر الوحدة "طغيان" الضباط الشباب الذين خضعوا لسلسلة من دورات التكوين و جميعهم حائزين على شهادات جامعية عليا ، و يشترط للإلتحاق بفرقة الأنياب أن يكون الموظف يحب الحيوانات خاصة الكلاب و يتقن التعامل معها ، و يتم التحقق من ميولاته بعد خضوعه لفحص بسيكولوجي. 40 فرقة سينوتقنية لتغطية أمنية على المستوى الوطني و أوضح عميد شرطة حكيم غريب ، أن فرقة الأنياب كانت متواجدة بالمدرسة التطبيقية للشرطة بالصومعة بالبليدة ، قبل إلحاقها بالوحدة الجمهورية الثانية للأمن بالدارالبيضاء سنة 2001 ، مشيرا إلى أن ذلك" يعود للمجهودات التي بذلها عميد أول شرطة حديدان مراد ، مدير الوحدات الجمهورية للأمن بالحميز ، الذي يحرص شخصيا على حسن سير هذه الفرقة " ، وأضاف أنه كثيرا ماقام رفقة قائد أركان المجموعة بزيارات فجائية لمعاينة التكفل بالكلاب كما يحرص على توفير الإمكانيات و الوسائل التي إطلعنا عليها لاحقا . و تستعد هذه الفرقة لتخرج الدفعة الخامسة هذه السنة ، حيث كانت أول دفعة قد تخرجت من الدارالبيضاء عام 2003 ، و تضم كل دفعة 15 عون أمن ممرن مع 15 كلب بوليسي في تخصصات مختلفة ، و توجد حاليا 40 فرقة سينوتقنية على المستوى الوطني ، و أشار عميد شرطة غريب حكيم ، أن توظيف موظفي الشرطة في فرقة الأنياب يخضع لشروط و مقاييس ، منها أن يكون متطوعا و يحب الكلاب "لأن هذه نقطة هامة للتعامل مستقبلا مع الكلب الذي يجب أن ينقل له هذا الإحساس بالحب لطاعته و الإستجابة لأوامره و التجاوب معه و الثقة فيه" ، و يخضع المترشح لممرن كلاب ، لفحص طبي عضوي " يجب ألا يشكو من أي مرض أو حساسية " ، كما يخضع إجباريا لفحص بسيكو تقني ، و من الضروري أن يتمتع بلياقة بدنية جيدة ، و تستغرق مدة التكوين 6 أشهر قبل إحالته على التربص الميداني و تدرج في كل أسبوع تقنية و نشاط معين يتابعه ممرنو الكلاب المختصين و كذا أطباء بياطرة في مجال إختصاصهم و يتلقى الممرن تربص قاعدي للمهنة لتلقينه أبسط الأشياء للتكفل بكلب الشرطة من حيث الصحة و متابعته و إدراكه أبسط الإسعافات الأولية الإستعجالية ، و يتم التكوين ، تحت إشراف ضابط الشرطة داودي الذي يملك31 عاما خبرة في المجال ، و لاحظنا أنه يعرف الكلاب جيدا و " عقليتها " جيدا مما أهله لرئاسة فرقة الأنياب و الممرنين ، و أوكلت له أيضا مهمة إنتقاء الكلاب البوليسية التي يتم جلبها من الخارج ، و هي من نوع راعي ألماني ، راعي بلجيكي ، راعي إنجليزي " برادور" ، تبلغ من العمر سنة واحدة ، و تخضع مباشرة بعد إدخالها لأرض الوطن ، للفحص من طرف بياطرة المصلحة ثم للترويض و التكوين في مختلف التخصصات ، و لاحظ هنا رئيس فرقة الأنياب ، أنه يتم إخضاع الكلاب لعدة تربصات و تجارب لإكتشاف قدرات الإستجابة و الطاعة التي تكمن في قوة إدراك الكلب للأشياء ، و منها تحديد ميولات هذا الكلب و تخصصه . و تتمثل هذه التخصصات في البحث البشري ، البحث عن الأسلحة و البحث عن المتفجرات و حفظ النظام ، و يخضع ممرنو الكلاب إلى فحوصات دورية من طرف المصالح الطبية الداخلية للوحدة الجمهورية الثانية للأمن ، معتمدة على التلقيحات البيولوجية للمرن و كلبه إحتياطيا ، و قبل تحويل الممرن ، يتم إعداد ملف خاص به و بالكلب قصد تسهيل المتابعة الصحية لكليهما. غرف نوم ومرشات وسيارات مجهزة لكلاب الشرطة و لأن الممرن هو الذي يسير الكلب ، تحرص المصلحة على تكوينهم في الخارج ، و حققوا نتائج مشرفة و كانوا أوائل الدفعات التي ضمت موظفي شرطة فرنسيين و أمريكان و ألمان ، كما تندرج هذه الدورات في إطار تبادل الخبرات و تجديد المعارف " لضمان تكوين أحسن لمواكبة تطور الجريمة " ، تنقلنا إلى مقر فرقة الأنياب ، حيث طفنا بأجنحة المصلحة التي تتمثل في مساحة كبيرة خاصة بالتدريب ، و هو ما تشير إليه الأسلاك الحديدية و حواجز القفز ، المساحة مشعشوبة حتى لا يتعرض الكلب لإصابات خاصة على مستوى الأرجل ، و تتكون المصلحة من عيادة طبية خاصة ، إلتقينا هناك بالبياطرة الأربعة الذين يشرفون على المتابعة الصحية للكلاب وقالت بيطرية مازحة" إننا أطباء و نفسانيين و جراحي أسنان ، و نسهر على المتابعة الصحية الدقيقة للكلب" ، وجدنا عيادة مهيئة مثل العيادات الخاصة بالبشر ، بل لفت إنتباهي وجود سرير فحص ، يتمدد عليه الكلب لمعاينته ، إضافة إلى خزانة الأدوية التي تضم حقنا و قطنا و تتوفر على جميع الأدوية و المستلزمات ، و خصصت قاعة كمكاتب للبياطرة ، الذين يحررون شهادات طبية تدرج في الملف الطبي للكلب ، و معاينة لوضعه الصحي ، و يحرص الأطباء البياطرة ، على متابعة التغذية أيضا ، و يستهلك كلاب الشرطة أقراصا مصنوعة من اللحم المعالج ، يخضع للمقاييس العامية ، يتم إستيراده من الخارج ، رائحته زكية و طيبة ، عرجنا بعدها إلى القاعة المخصصة لإستحمام الكلاب ، أعترف أني إنفجرت ضحكا ، عندما دعوت لزيارتها ، هي عبارة عن أحواض عملاقة ، تتضمن مرشا بالماء الساخن و البارد و منشف طبيعي أوتوماتيكي ، الجدران كانت مصنوعة بالبلاط كأنه حمام تماما ، يتسع لإستحمام الكلاب ، و يشير أحد البياطرة مرفوقا بالممرنين الذين يشرفون على العملية ،أنه يتم إستعمال غاسول خاص ضد تساقط الشعر و حمايته من التقليات الجوية ، أردت سؤال الضابط : هل يوجد حلاق خاص بهؤلاء؟ لكني شعرت بالحرج ، خاصة و أنه أبلغني أن الممرن يقوم بالتكفل به من جميع الجوانب و تلقى تكوينا قاعديا بذلك . كما تم تخصيص " غرف نوم" ، و هي عبارة عن قاعات مسيجة متسعة لإستقبال الكلب ، و أشار لنا رئيس فرقة الأنياب ، أن القاعة تتوفر على نظام يتمثل في رفع الحاجز عن القاعة الثانية المخصصة للنوم أوتوماتيكيا " يجد الكلب مساحة أكبر للتحرك " ، و اللافت هو نظافة المكان ، و لم نسجل كالعادة في أماكن تواجد الكلاب ، تلك الرائحة ، و في الخارج ، وجدنا الحظيرة المخصصة لنقل الكلاب ، و قال عميد شرطة غريب حكيم ، أن المديرية العامة للأمن الوطني وفرت سيارات مخصصة لتنقلها مجهزة بمخادع داخلية للكلاب تناسبا مع عدد ركاب السيارة ، حسب نوع التنقل المقصود و عدد الكلاب المرجو نقلها في مهمات ، خاصة و أنها ترافق موكب الرئيس دائما ، و تتنقل هي أيضا مع الممرنين إلى الولايات الداخلية و حتى خارج الوطن ، في إطار دورات التكوين. و إقترح علينا العميد ، متابعة تمارين حية و ميدانية مع فرقة الأنياب ، كانت لحظات إستكشافية و طلب مني أن أحمل قطعا من الكيف المعالج ، و أخفيها في إحدى السيارات العديدة المتواجدة بالحظيرة ، و كانت الكلاب بعيدة في مكان آخر ، كان "شامان" الكلب المتخصص في البحث عن المخدرات ، أول من خضع للتجربة مع ممرنه بلوسواسي شارف ، ألبسه صدرية زرقاء ، أوضح لنا أن الكلب عندما يرتدي هذه الملابس ، يدرك أنه في مهمة عمل ، تم إطلاقه ، طاف " شامان" بمختلف المركبات بحاسة أنفه ،قبل أن يستقر على السيارة التي المعنية و ظل يخدش الموقع بالضبط ، بعد العثور عليها ، يمنحه الممرن قطعة ملفوفة بشاش أبيض ، هي بالنسبة للكلب لعبة مسلية و مكافأة على أداء مهمته و نهايتها ، عاونا نفس التجربة مع " روبي " كلب وسيم فعلا ، متخصص في البحث عن الأسلحة ، وبعد أن أطلقه ممرنه بعبارة"شرش" (إبحث بالفرنسية) ، و إتبع نفس الإجراءات السابقة ، تمكن في لحظات من تحديد موقع السلاح الناري الذي أخفيته بإحكام داخل عجلة سيارة ، وظل ينبح مثل الأول لإبلاغ ممرنه بوجود قطعة السلاح ، قبل أن يكافأ بنفس الطريقة ، قبل أن نقوم بإخفاء مواد متفجرة ، في إحدى زوايا سيارة ، و حضر " النجم" زاد و هو كلب متخصص في البحث عن المتفجرات ، إقترب بثقة من السيارات ، و فتشها بإحكام ، قبل العودة مجددا إلى السيارة المعنية و حدد الموقع لكن عكس زملائه ، لم يقم بالنباح ، و ظل واقفا إلى غاية إستخراج ممرنه الكيس ، و أشار الممرن جليط عبد الغني الذي خضع للتكوين و التدريب بتركيا ، أن الكلب المتخصص في البحث عن المتفجرات يجب أن يتميز بالهدوء ، و التعقل و الدقة ، و لاينبح لأن ذبذبات صوته قد تؤثر على القنبلة المبرمجة فتنفجر ، و يتم تدريبه على تحديد 15 مادة متفجرة في العالم ، و الكلب أصلا ، يملك 100 ألف رائحة على الأقل ، و ختمنا التجربة مع أور وس ، و هو كلب مختص في البحث البشري ، قال ممرنه لعروسي هشام ، أنه تمت الإستعانة به في الكوارث الطبيعية الكبرى خاصة في زلزال 21 ماي عام 2003 ، و عرض علينا عملية بحث عن إنسان مفقود أو مجرم فار من مسرح الجريمة من خلال إقتفاء آثارهما و ترصد خطواتهما و تحديد مسلك مرورها ، و فعلا نجح أمامنا في الكشف عن مسلك مرور الشخص المعني. كلاب تفتش الطائرات إجباريا قبل إقلاعها و بعد هبوطها ميدانيا ، تابعنا أيضا نشاط فرقة الأنياب على مستوى المطار الدولي هواري بومدين ، و تزامنت زيارتنا مع هبوط طائرة تابعة للخطوط الجوية الإيطالية أليتاليا ، ودخلنا إلى المدرج بفضل التسهيلات التي قدمها لنا عميد الشرطة براشدي نور الدين ، رئيس فرقة شرطة الحدود بالمطار ، هناك إلتقينا مجددا كلبا يقوم بتفتيش الأمتعة ، قبل و بعد إخضاعها لنظام الرقابة بالسكانير و كثيرا ما تم حجز أقراص مهلوسة و سجائر مهربة ، كثير من قادة الطائرات ، حسبما نقل لنا الموظفون ، يرفضون الإقلاع قبل قيام الكلب بمهمة التفتيش " نشعر بالإطمئنان ، و الثقة في قدراته " علق قائد طائرة تابعة لشركة طيران أجنبية تحدث إلينا " أن لوف" ، الكلب يؤدي مهمته على أكمل وجه و لا يخضع لأي إغراء كما أن الكلاب البوليسية الجزائرية أثبثت كفاءتها عالميا ، و قد يعود لها الفضل في تصنيف المطارات الجزائرية ضمن أأمن المطارات العالمية و علمنا أن كلبا بوليسيا متخصصا في البحث عن المخدرات ، تمكن مؤخرا من إكتشاف كمية تتجاوز 85 كغ من الكيف المعالج كانت مخبأة بإحكام داخل سيارة في فيلا أحد الخواص تبين أنه مهرب خطير شرق العاصمة ، و لم يتسن لنا الحصول على تفاصيل هذه العملية التي حققت نجاحها بفضل كلب . و سجلنا تجاوب المواطنين مع كلاب كانت تتجول بين الأجنحة ، و تحولت بالنسبة للكثيرين مصدر طمأنينة و أمن خاصة في الحواجز و نقاط المراقبة ، في فرنسا ، تقلد الشرطة الفرنسية رتبا للكلاب البوليسية تقديرا لعملها. ربورتاج : نائلة.ب:[email protected]