بعد سكوت طويل ومريب اتجاه تصاعد نشاط القراصنة الصوماليين في خليج عدن والبحر الأحمر، حملت الأيام القليلة الماضية قرارا جديدا فوض بموجبه مجلس الأمن الدولي الدول التي تحارب القرصنة على السواحل الصومالية استخدام أراضي الصومال ومجالها الجوي لمواجهة الظاهرة التي أصبحت تهدد منطقة تعد من أهم طرق الملاحة الرئيسية في العالم ... أهمية البحر الأحمر الإستراتيجية لا تتوقف على كونه ممرا ملاحيا مهما فقط، وإنما يضاف إلى ذلك كونه معبرا رئيسيا لتصدير نفط الخليج إلى الأسواق العالمية، كما أنه المنفذ البحري الجنوبي لإسرائيل و شريان التجارة العالمية ونظرا لهذه الأهمية فقد حرصت القوى الكبرى مثل الولاياتالمتحدة وفرنسا وإنجلترا على أن يكون لها مواطئ أقدام ومناطق نفوذ فيه، وقد برزت أهمية البحر الأحمر بشدة إبان أوقات الحروب واتضح ذلك جليا في حرب أكتوبر 1973 حينما أغلقت اليمن مضيق باب المندب أمام الملاحة الإسرائيلية بالتعاون مع مصر. وبرزت أهميته أيضا إبان حرب الخليج الثانية 1991 وأثناء حشد القوى التي هاجمت العراق عام 2003 حيث مررت عبره مختلف أنواع العتاد الحربي... وبعيدا عن أهمية منطقة البحر الأحمر الإستراتيجية، نتساءل لماذا انتظر العالم وخصوصا أمريكا كل هذا الوقت حتى يتم الإعلان عن هذا القرار، الذي يحمل في طياته رغبة أمريكية متأصلة تهدف إلى الحصول على تفويض من مجلس الأمن يسمح لها بأن تقوم بمطاردة عصابات القرصنة ''داخل الأراضي الصومالية'' تفاديا لأخطاء تجربتي العراق وأفغانستان .. منطقيا كل حدث بسيط يمر بمراحل إلى أن يصبح ظاهرة، ومع هذا التزمت أمريكا الصمت اتجاه ظاهرة بدأت صغيرة وأخذت في التوسع إلى أن أصبحت تهديدا حقيقيا على الملاحة العالمية..، أمريكا أيضا تملك عدة قطع بحرية في هذه المنطقة الحيوية من العالم ، ومع هذا تعمدت التلكؤ والانتظار إلى أن يتفاقم نشاط القرصنة إلى مستوى درامي، بما يبرر للعالم طلبا أمريكياً لتدخل عسكري مباشر داخل الصومال لا لمطاردة عصابات القرصنة وإنما لمقاتلة التنظيمات المسلحة التي تقف في وجه الاحتلال الإثيوبي الذي خاض حربا بالوكالة عن الإدارة الأمريكية، التي كانت ولا تزال منشغلة بالحرب في العراق وأفغانستان، غير أنها أمدته بالعدة والعتاد وسمحت له بإجراء غارات على الشعب الصومالي من قاعدتها العسكرية في جيبوتي .. بعبارة أخرى أمريكا هذه المرة تسعى إلى الحصول على تغطية دولية مقدماً لشن حرب على الصومال، فهل بقي في أمريكا نفس آخر للتورط في حرب ثالثة ضد شعب مسلم.. ، وهل ستكون عهدة أوباما ملطخة بدماء الأبرياء كما كانت عهدة بوش التي وصفت بأنها الأكثر سوداوية في تاريخ أمريكا ..