تثير الأم حديثة العهد بالولادة الكثير من الأسئلة حول إمكانية اعتنائها بطفلين في نفس الوقت دون أن يثير ذلك غيرة الطفل الأكبر سنا، ففي الوقت الذي يأخذ الرضيع جل اهتمام الأم يقف الطفل الأكبر متألما من هذا الزائر الجديد الذي أزاحه وأبعد عنه اهتمام والديه ومن هنا تنشأ الغيرة التي تسيطر على جميع الأطفال في هذه الحالة. تقول الأخصائية النفسانية والمختصة في التنمية البشرية غنية نجاري إن معرفة الأسباب الرئيسية للغيرة عند الطفل تساعدنا كثير ا في إيجاد حلول تقضي بمساعدة الأم على التقليل من حدة الغيرة لدى أطفالها، كما أن أكثر شيء يدفع الطفل إلى تجاوز هذه الحالة هو إحاطته بالحب والاهتمام بوجودهم والأهم هو أن نشعر الطفل بأنه كبير وتؤكد له الأم أنها ترعى أخاه الصغير لعدم قدرته على القيام بذلك بنفسه. وتضيف أن الطفل الغيور يظهر مشاعر عديدة منها الحزن والعناد وعدم إطاعة الأوامر، وهي بشكل عام نتيجة شعوره بأنه فقد الحب والحنان الذي كان يحظى به من قبل والديه، وقد تتحول هذه المشاعر إلى سلوك عدواني إما نحو الطفل الصغير الذي يعتبر منافساً له بعد أن استولى على عرشه في حضن أمه، أو موجهاً نحو الوالدين أو الممتلكات الشخصية بمحاولة إتلافها وتخريبها، إضافة إلى التقلب المزاجي وعدم الرضا بالهدايا التي قد تقدم له من المحيطين مهما كانت غالية الثمن كمحاولة منهم تعويضه ما فقده من حنان، وإن قبلها فيكون ذلك وقتياً وسرعان ما يقوم بتكسيرها أو إلقائها جانبا. ومن الأعراض التي قد تنجم عن الغيرة حالة التبول اللاإرادي التي لم تكن موجودة من قبل، وكأن الطفل يتمنى أن يرجع إلى المرحلة العمرية السابقة لتعتني به أمه كما تعتني بأخيه الصغير، وهذا السلوك ما هو إلا واحد من سلوكيات لفت الانتباه التي يلجأ إليها الطفل لمطالبه والديه بحقه المفقود. وفي هذه الحالة على الأم أن تبذل كل المحاولات لجعل طفلها سعيدا وألا توبخه بقسوة حتى ولو أصاب أخاه الصغير بمكروه، فبدلا من عزله وعقابه عليها أن تشغل وقته بأشياء أخرى. الغيرة ظاهرة يمكن استثمارها يجب أن نغرس في نفس الطفل أنه أصبح كبيرا وأنه سيكون شخصا يمكن الاعتماد عليه في رعاية أخيه الصغير ويجب أن نكلفه بمهمات وواجبات منها مراقبة أخيه الصغير ومساعدة الأم على إطعامه واللعب معه، كما يمكن استثمار الغيرة بين الأطفال في توليد المنافسة الإيجابية بينهم للوصول إلى الأفضل دون اللجوء إلى مقارنة الأطفال بعضهم البعض. وترى السيدة نجاري أنه للتقليل من مظاهر الغيرة بين الإخوة التمهيد لاستقبال المولود الجديد وخلق علاقة حب بينهم والاقتصاد في إظهار الحب والعطف للمولود الجديد أمام إخوته، كما يجب أن ينتبه الأولياء إلى أن لكل طفل شخصيته المستقلة بمزاياها المختلفة. كما نوهت السيدة نجاري إلى نقطة مهمة وهي عدم التفرقة بين الأبناء خاصة بين الذكور والإناث لأن التفرقة سبب مباشر للشعور بالغيرة بين الأبناء. وخلاصة القول - تقول الأخصائية النفسانية السيدة نجاري - إنه على الوالدين مراعاة الفروق الفردية بين الإخوة مهما تكن وعدم مقارنة نقاط القوة بين كل واحد منهم لأن ذلك يؤدي إلى بروز الغيرة بشكل قوي رغم أن ذلك لا يمنع من إظهارها ومحاولة تنميتها بعيدا عن المبالغة وعدم إثارة الأمر بين الإخوة. ويبقى حضن الأم المكان الدافئ الذي لا يخذل الطفل وهو ملاذه الأول والأخير الذي يقلل من المشكلات التي تواجهه، ويدعمه للتغلب على كل أشكال الغيرة التي تتولد في نفسه بالحرص على المساواة بين الأبناء وتفهم ما يقومون به حتى ولو شعروا بالغيرة