لا يختلف اثنان ولا يتناطح تيسان على ما مفاده أن تسرب بعض الأمراض السلوكية إلى أفراد المجتمع، واتسام بعض من وضعوا في مناصب المسؤولية بها، يدعونا إلى دق ناقوس الخطر، مع تعزيز آليات الرقابة، والضرب بيد من حديد حصرا للمرض، وسعيا في القضاء النهائي عليه، حيث إنه لم يكد يجف حبر الصحف المسودة بأخبار عن تضخيم بعض وكالات الشركة الوطنية للكهرباء والغاز لفواتير زبائنها، لاسيما بعض المؤسسات العمومية والسيادية، حتى طفت إلى السطح أنباء عن توقيف مسؤول محلي بقطاع الشؤون الدينية في أقاصي الجزائر، متهم بتزوير شهادات حفظ القرآن الكريم، وهو ما يعني أن الدولة ستوظف وتمنح أجرا لبعض الأئمة والمؤذنين ومعلمي القرآن ممن نعتقد أنهم يحفظون القرآن كله أو نصفه أو ربعه، وننظر إليهم بعين القداسة التي تنسحب عليهم من شرف ما نظن أنهم يحملونه في صدروهم، نتشوق لسماعه منهم عند كل موعد وقوفا بين يدي الله تعالى. وفي هذا المقام كثيرا ما تداول المواطنون في بعض الأحياء أمورا من هذا القبيل، من خلال بعض القرائن التي ترجح الشك على اليقين، من قبيل إقدام بعض الأئمة ومعلمي القرآن الكريم على الخروج في عطل مرضية كل شهر رمضان، أو الفرار إلى أداء العمرة على رأي أحدهم، تهربا من إمامة التراويح التي تتوجب في مجتمعنا الجزائري ختمه كاملا ولو مرة واحدة في ذلك الشهر الفضيل، فضلا عن مدوامة بعضهم الآخر على إمامة الناس في الصلوات الجهرية المفروضة طبعا بسورتي الإخلاص والنصر طيلة أيام السنة، لا يتجرأ على تجاوزهما. والحمد لله أن الركعات السرية في الصلاة تؤدى بسورة الفاتحة فقط، كما أنها أي ''سورة الفاتحة'' لازمة افتتاح المؤتمرات والجلسات والأفراح والأحزان، وإلا اضطر أمثال هؤلاء إلى الاستعانة بما هو خارج عن القرآن، كالذي كان يعتقد أن ''طلع البدر علينا'' سورة من سور القرآن، كثيرا ما يشركها مع سورة الإخلاص في أداء الصلوات. وعلى أمثال هؤلاء أشباه الأئمة والمشائخ الذين لا يستعظمون هذا الأمر، بل ويجهدون أنفسهم في سبيل الوقوف على المنبر أو المحراب أن يضيفوا إلى رصيدهم أغنيتي ''هيا إلى المناهل'' و''سنان يا سنان'' لنوائب الدهر، عملا بفتوى ''زعبور'' في مذهبه الفقهي.