أتمنى انتخاب مناضل يرمم أشلاء الحزب العتيد أرجع الاستاذ محمد بوعزارة ، عضو اللجنة المركزية المستقيل و نائب رئيس المجلس الوطني الشعبي سابقا ،انهيار شعبية حزب جبهة التحرير الوطني إلى العبث الذي طاله من بعض القياديين الفاشلين و رجال المال الفاسدين ، متحسرا في كلامه ”للاتحاد” على خيبة الشعب الجزائري في الأفلان ،و الهوة الكبيرة التي يشهدها اليوم بين المناضلين الحقيقيين والوافدين الجدد للحزب ، أملا في انتخاب مناضل وطني يرمم أشلاء الحزب العتيد . حاورته : رتيبة-عبديش 1 الحراك الذي تعرفه الجزائر اليوم ، الأفلان مرفوض فيه شعبيا ، كيف تحول الحزب العتيد من رمز للكفاح إلى رمز الفساد ؟ هناك واقع مُر عاشه مناضلو الحزب العتيد منذ سنوات ، فقد دِيست مختلف نصوص الحزب من قانون أساسي و نظام داخلي ، و التي كانت بمثابة الدستور الذي يحتكم إليه المناضلون كلما ألمت أزمة بالحزب أو وقعت خلافات بين قياديي الحزب و نظام الحكم القائم ، و كان من الأبجديات التي تحتكم إليها قيادات الحزب هي تطبيق الانضباط قاعديا و مركزيا ، يضاف إلى ذلك أن من بين عناصر القوة التي كان الحزب يعتمد عليها هي وجود رؤية سياسية من طرف القيادة و خطاب واضح يتبنى برنامجا اجتماعيا يدافع الشعب بكل شرائحه ، و يتبنى قيم الدفاع عن المظلومين و المضطهدين في العالم . فهما كانت اختلافات القيادات التي تعاقبت على الجبهة ثم الحزب بعد سريان التعددية بفعل دستور 1989، فقد كانت توجهات خطاب الحزب و ممارسات قيادته تشكل مجموع المقومات و العناصر الأساسية انطلاقا من بيان أول نوفمبر ثم النصوص المختلفة المنبثة عن مختلف مؤتمرات الحزب و دورات اللجنة المركزية . و هناك عامل أساسي هو أن الحزب منذ استعادة الاستقلال تولته في أغلب المراحل شخصيات كان لها وزنها و ثقلها الوطني بدءا من محمد خيضر ثم قايد أحمد و محمد الشريف مساعدية و محمد الصالح يحياوي رحمهم الله جميعا في عهد الرئيسين الراحلين أحمد بن بلة و هواري بومدين . معظم هؤلاء القياديين كان لهم منظور استراتيجي لدور الحزب في بناء مؤسسات الدولة و في العمل السياسي ككل . ولذلك رأينا أن الراحل محمد خيضر اختلف مع الرئيس أحمد بن بلة بخصوص دور الحزب ، فاضطر لمغادرة الوطن ، لأن رؤيته كمناضل عقائدي و مجاهد اختلفت مع منظور الرئيس بن بلة للحزب ، حيث كان الأخير يريد أن يجعل من الحزب مجرد آلة دعائية لتمر ما كان يريده من قرارات، و كذلك كان الأمر بالنسبة للراحل قايد أحمد الذي اختلف مع رفيق دربه الرئيس الراحل هواري بومدين بخصوص رؤية كل منهما لدور الحزب . و للتاريخ فإن الرئيس بومدين لم يقتنع بدور الحزب إلا في الأعوام الأخيرة من حكمه ، و لكن الموت لم يسمح له رحمه الله لتحقيق ما توصل إليه . الرئيس الشاذلي بن جديد رحمه الله حاول أن يعطي للحزب الدور الذي يستحقه في بداية عهده ، و لكن المحيط الذي أحكم سيطرته على الرئيس مع بداية العهدة الثانية ضيق على الحزب و حاول أن يجعل منه مجرد وسيلة لتأييد السياسات و القرارات المتخذة . فرغم أن الراحل عبدالحميد مهري الذي استخلف الراحل مساعديه بعد أحداث أكتوبر 1988 كانت تربطه علاقات كبيرة مع الرئيس الشاذلي رحمه الله ، إلا أن محيط الرئيس لم يسمح للحزب القيامَ بدور ريادي في مختلف جوانب الحياة السياسية . و قد حاول الراحل مهري أن يعطي للحزب الدور المنوط به في ممارسة السياسة خصوصا بعد استقالة أو بالأحرى إقالة الرئيس بن جديد في يناير 1991، و لكن تلك النظرة من طرف مهري اصطدمت بأصحاب القرار الذين عرقلوا الحزب في بداية الأمر لتمرير بعض القرارات في إطار السياسية الجديدة التي اتبعوها بعد توقيف المسار الانتخابي في أعقاب تشريعيات 1991 ، ثم دفعوا إلى إسقاط مهري بعد أن ألبوا عليه عددا من أعضاء اللجنة المركزية التي أطاحت به في 1996 ليخلفه الدكتور بوعلام بن حمودة ، و قد دفع هذا الأخير الثمن نتيجة بعض تصريحاته ، إذ أوعز الرئيس السابق إلى تنحيته . و قد فهم الدكتور بوعلام الأمر قبل أن يطاح به ،ففضل ترك الحزب بطريقة سلسة إلى الأستاذ علي بن فليس . و هذا الأخير دفع هو الآخر الثمن بعد أن شق عصا الطاعة و ترشح ضد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في انتخابات 2004 ، ليخلفه بعد تشكل حركة تصحيحية ضده الأستاذ عبد العزيز بلخادم . و بفعل إفرازات مؤتمر الحزب في 2010 و الانتخابات التشريعية لعام 2012 جرى إسقاط السيد بلخادم بعد عام من ذلك، أي في 2013 ، ليخلفه عمار سعداني الذي تسببت تصريحاته في إسقاطه هو الآخر في سبتمبر من عام 2016 . و قد خلفه في أمانة الحزب جمال ولد عباس الذي أدت تصريحاته المثيرة للسخرية و الاشمئزاز و كذا تصرفاته إلى تذمر كبير ليس وسط المناضلين فقط بل وسط الجماهير الشعبية . و ازداد السخط في أوساط المناضلين ضد هذا الشخص بعد الانتخابات التشريعية لعام 2017 التي تخللتها تجاوزات كبيرة ، إذ تحدثت عدة أوساط خصوصا بين الصحافة و المناضلين عن عمليات رشوة و تجاوزات في تلك الانتخابات، و هي ظاهرة كانت بدأت قبل ذلك في ما عرف باستخدام المال الفاسد في مختلف الاستحقاقات اللاحقة. و لعل القطرة التي أفاضت الكأس هي تنحية ولد عباس بمجرد قرار دون وقوع اجتماع للجنة المركزية المخولة أصلا بتنحيته ليتم استخلافه برئيس المجلس الشعبي الوطني معاذ بوشارب كمنسق و هو أمر يخالف نصوص الحزب الأمر الذي اعتبر بالقرار غير الشرعي . و الغريب في الأمر أن معاذ بوشارب و هو ليس عضوا في اللجنة المركزية أصلا جاء بعدد من الأشخاص ليصبحوا قياديين في الحزب ، من بينهم عدد ليس ليس عضوا في اللجنة المركزية أصلا . و لاشك أن الشعارات التي رفعها الحراك الشعبي ضد الأفلان و خاصة بعد خطاب معاذ بوشارب في وهران هي التي فعلت المطالبة بعقد دورة للجنة المركزية للإطاحة بالقيادة اللاشرعية التي استولت على الحزب و اختطفته من مناضلييه و دفعت بعدد من المناضلين إلى الاستقالة احتجاجا على هذا العبث . 2- شهد حزب الأفلان استقالة العديد من المناضلين و القياديين مؤخرا ما تعليقك على ذلك ؟ العبث الذي بات يطبع تسيير حزب بحجم الأفلان ،و انهيار شعبية هذا الحزب نتيجة هذا العبث ،و تهميش العديد من القيادات و المناضلين ، و سيطرة رجال المال الفاسد على الحزب و التحكم في قراراته ، وانحدار مستوى الخطاب السياسي ، و بعد الحزب عن الجماهير التي خرجت لأول مرة في تاريخ الجزائر و تاريخ هذا الحزب العتيد تنادي بشعار لغة المستعمر الذي قهره الأفلان و من ورائه الحلف الأطلسي : le f l n degage ، هي مجموعة من العوامل التي حرَّكت عددا من المناضلين و قد كنت من بينهم لإصدار بيانين يومي 7 و 9 مارس 2018 لإعلان الاستقالة . كانت هذه الاستقالة تعبيرا عن رفض القيادة التي سرقت الحزب و عن تصرفات القوى غير الدستورية التي عبثت بهذا الحزب لأغراض دنيئة و غير شريفة شوهت صورة الحزب لدى الشعب الجزائري. 3- الأفلان اليوم يعيش حالة من التخبط و هو ما لمسناه خلال اجتماع اللجنة المركزية ؟ أتابع الآن وضع الحزب العتيد كملاحظ مهتم بما يجري من تصرفات لا تليق بمقام هذا الحزب الذي ناضلتُ في صفوفه منذ كنت في ريعان الشباب قرابة خمسين عاما بنجاحاتها و إخفاقاتها ،و كنت و ما زلت مسكونا بأدبياته و نصوصه . فكم تسكنني الحسرة على ما آل إليه وضع الحزب بفعل هؤلاء الوافدين الجدد من الانتهازيين و الوصوليين و الانتفاعيين ورجال المال الفاسدين الذين عبثوا بالحزب ، و أتأمل في هؤلاء الوصوليين الذين يريدون أن يركبوا الحزب من جديد بالرغم من هذا الحراك الشعبي الذي عرَّى هؤلاء و كشف مساوءهم و ما فعلوه في الأفلان و في البلد ككل بتعاون وثيق و تنسيق محكم مع قوى و عصابات أرادت الاستيلاء على كل شيء في البلد ، المال و الاقتصاد و السياسة . و قد آلمني أكثر أن ينفض الاجتماع الأخير للجنة المركزية دون التوصل إلى انتخاب أمين عام و قيادة كم أتمنى أن تكون قيادة شبانية متشبعة بنصوص و أدبيات الحزب . آلمني العراك و السباب الذي ساد أشغال اجتماع لم يكتمل مما يبين أن الهوة أصبحت كبيرة يين المناضلين الحقيقيين و بين الوافدين الذين جيء بهم في آخر مؤتمر للحزب بحسابات كانت خاسرة بعد أن أصبح عدد أعضاء اللجنة المركزية جيشا غير معروف العدد، إذ ضمت اللجنة أكثر من خمس مائة عضو ، فأصبحنا بذلك لا نعرف المناضل من غير المناضل . مع العلم أن عدد أعضاء اللجنة المركزية عقب المؤتمر الجامع في نهاية 2004 2005 كان 123 عضوا ، و كنا نعرف بعضنا البعض فردا فردا . 4- ما تعليقك على قائمة المرشحين لتولي قيادة الحزب ؟ هناك مناضلون مخلصون و كفاءات يعرفها المناضلون، و هناك وافدون أفرزتهم حسابات المؤتمر الأخير . كل ما أتمناه أن تلتئم اللجنة المركزية مرة أخرى في اجتماع هادئ و مسؤول لتنتخب مناضلا يرمم أشلاء هذا الحزب خوفا من أن يلفظه الشعب في انتخابات قادمة بعدما لفظه الحراك . 5- خلال الجلسة قال المتحدث إنه سيتم اختيار أمين عام شاب ، في حين أن قائمة المرشحين حملت أسماءا لمناضلين كبارا في السن في الحزب ؟ ربما كانت تلك رغبة المتحدث ، و في كل الحالات لا يمكن منع أي مناضل من الترشح سواء كان شابا أو مسنا ، فالمقياس الحقيقي للنضال ليس في السن حتى لو كانت النية تتجه لجعل تركيبة الحزب شابة ، المقياس هو التشبع بمبادئ الحزب والفعالية و الكفاءة وقدرة الأمين العام القادم على لمِّ شتات المناضلين و إعادة الاعتبار للحزب و إعادة الجماهير الغاضبة منه إليه . الشعب خاب ظنه في الأفلان لأنه يعتقد أن هذا الحزب الذي كان ضمير الشعب تخلى عن أدبياته بعد أن أصبح متحكما فيه من طرف عصبة لا تمثل إرادة المناضلين بل تخدم أجندات رجال المال الفاسد و قوى غير دستورية . 06- أنباء تفيد تدخل أحرار الحزب لإنقاذ ما تبقى منه ؟ أتمنى أن يقع ذلك في قيام من تصنيفهم بأحرار الأفلان لإنقاذ هذا الحزب من الاندثار . 07- أصوات تنادي بإدخال الافلان المتحف ، هل أنت مع هذا الطرح أم تتوقع ولادة جديدة للحزب ؟ لو أنك عدت للبيانين الصادرين يومي 7 و 9 مارس 2018 لوجدت أنني كنت ضمن القائمة التي أعلنت استقالتها منذ البداية . لا أنفي أنني كنت مع المناضل عبد القادر شرار مَنْ صاغ البيانين . و مما جاء في البيان الأخير يوم 9 مارس أن قناعتنا بعد مرور ثلاثين عاما على الشروع في التعددية فإنه لا يمكن لحزب واحد ولو بحجم الأفلان أن يبقى منفردا بمرجعية و إرث ثورة أول نوفمبر المجيدة. و قد ناشدنا في ذلك البيان الرئيس القادم و مختلف المؤسسات الفاعلة المقبلة إنشاء مؤسسة وطنية تليق بمقام و مكانة جبهة التحرير الوطني التاريخية 1954- 1962 ليبقى هذا الرمز مِلكا مشتركا للجزائريين و الجزائريات ، و يكون مرجعية تاريخية وفكرية و إيديولوجية لكل الأحزاب و التنظيمات السياسية و مصدر إلهام للشعب الجزائري . و أكدنا أن من شأن هذا أن يعمل على تعزيز روح المواطنة و تجذير الوطنية في النفوس و ضمان بقاء شعلة أول نوفمبر متقدة في قلوب الأجيال إلى الأبد و من ثمة تقوية أسس بناء الأمة الجزائرية الموحدة وفق ما جاء في البيان التاريخي لثورة أول نوفمبر العظيمة ووصولا إلى مصالحة حقيقية بين الجزائريين و تاريخهم المجيد .