تحتضن مدينة تيزي وزو منذ صبيحة نهار أمس السبت و على مدار يومين كاملين فعاليات الملتقى الدولي الذي نظم بدار الثقافة بتيزي وزو حول حياة ومسيرة الأديب والروائي الراحل "مولود معمري " ، و تدخل هذه التظاهرة التي نظمت تحت شعار "حوار الثقافات " في إطار الاحتفال بمناسبة الذكرى ال 24 لوفاة الاديب و الروائي مولود معمري.حيث سطر المنظمون برنامجا ثريا ومتنوعا لإنجاح أشغال هذا الملتقى الذي جاءت تكريما لاحدى الشخصيات الكبيرة و المعروف في الادب الجزائري و قد ميز هذا الحدث الثقافي، عقد محاضرات قيمة حول شخصية مولود معمري و مسيرته النظالية · . للإشارة فان الروائي مولود معمري ولد في 28 ديسمبر 1917 بقرية تاوريرت ميمون بآث يني الواقعة جنوب ولاية تيزي وزو· نشأ وسط أسرة ذات جاه وعلم مهدت له ظروفا مواتية لاحتضان العلم والأدب، حيث تلقى تعليمه الإبتدائي بمدرسة القرية، وهي المنطقة التي كانت ملهما قويا لمختلف الأعمال الأدبية التي أصدرها فيما بعد· وفي العام 1928 التحق بالمملكة المغربية وهو لم يتجاوز الحادي عشر من عمره، ودرس بمدينة الرباط في كنف عمه الذي كان من الشخصيات المقربة للملك المغربي محمد الخامس آنذاك. في العام 1932 عاد معمري إلى أرض الوطن، فالتحق بثانوية بوجو بباب الواد بالعاصمة، ثم انتقل إلى ثانوية لويس الأكبر بباريس فيما بعد عادالى الجزائر و قد كانت روايته الأولى ''الهضبة المنسية'' التي صدرت العام ,1952 وهو العمل الأدبي الذي ارتقى بالكاتب إلى مصف العظماء، وقد نالت إعجاب كبار الكتاب آنذاك، حيث تمنى الأديب طه حسين أن تكون كتبت بالعربية ليطلع عليها القراء العرب لما تحمله من قيم جمالية وفنية رائعة. وفي العام 1955 أصدر الكاتب عملا روائيا جديدا بعنوان ''نوم العادل '' فأخذت شهرته تكتسح الأصقاع وازداد الطلب على روايتيه لما تحملانه من بعد إنساني حضاري يرتبط ارتباطا وثيقا بالإرث الثقافي للقبائل، وهي المنطقة التي كان لها أثرا بليغا على فكر وأدب ''الدّا المولود''· كان الروائي مناضلا ثقافيا أسس للسانيات الأمازيغية وأنجز عملا كبيرا في النحو الأمازيغي أسماه '' تاجرومت '' وهو ما نعني به القواعد في سنة 1965 جمع الكاتب ونشر مجموعة قصائد الشاعر ''سي محند أومحند''، فساهم بذلك في ضع لبنة أخرى في سياق الحفاظ على التراث الشقوي للشاعر بعد تلك التي قام الكاتب مولود فرعون· وخلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1969 و 1980، أشرف ''الدّا المولود'' على رئاسة المركز الوطني للأبحاث الأنتروبولوجية والدراسات ما قبل التاريخ والإتنولوجيا، حيث أصدر مجلة ليبيكا التي اتسمت بدراساتها ذات الطابع العلمي، كما نشر سنة 1973 مجموعة قصصية موسومة'' موظف البنك''. ولعل التحفظ من الدراسات التي كان يقدمها الكاتب في المحافل الدولية، أبقى نية السلطات على منعه من أية محاضرة في هذا الموضوع إلى غاية سنة ,1980 حيث تلقت خطوة المنع غضبا طلابيا واسعا امتدت شظاياه إلى كل الشارع آنذاك في سنة ,1980 تلقى الكاتب دعوة إلى إلقاء محاضرة بجامعة تيزي وزو بعنوان''الأدب الشعبي القبائلي'' غير أن السلطات الولائية قررت يوم 10 مارس 1980 إلغاء المحاضرة، مما ألهب الأجواء الطلابية وتسارعت الأحداث فولدت مواجهات مؤسفة يوم 20 أفريل ,1980 وهي الأحداث التي أصبحت تسمى ب ''الربيع الأمازيغي ''· وفي نفس العام، لم تتوقف آلة الكاتب من تلفظ ما كانت تدونه من أعمال أدبية، حيث أقدم على تجربة نشر ما جادت قريحته من شعر، فكان ديوان ''أشعار القبيلة ''مولودا أدبيا مميزا في تلك السنة· وفي سنة 1982 يعود ''الدا المولود'' إلى العمل الروائي فينشر روايته الرابعة الموسومة ''العبور''، وفي نفس السنة، أسس بباريس مركز الدراسات والأبحاث الأمازيغية، وكذا أنشأ مجلة '' أوال '' التي تعني الكلمة. وفي العام ,1988 كرم مولود معمري بالدكتوراه الفخرية منحتها له جامعة السوربون نظير ما قدمه من أعمال أدبية إنسانية خالدة· ساعة الرحيل. و في ليلة ال 26 فيفري 1989، كان مولود معمري يهم بالخروج من مدينة عين الدفلى· كان الليل دامسا، ولا ضياء في الأفق··· انعطفت سيارته في منعرج خطير ليلفظ الكاتب أنفاسه الأخيرة بعد ان تم نقله على سيارة إسعاف إلى استعجالات مستشفى عين الدفلى واعلن بعد ذلك نبأ وفاته الذي فاجئ الجميع ليتم بعد ذلك نقل النعش إلى موطنه الأصلي بقرية تاوريرت ميمون بمنطقة بني يني بتيزي وزو اين تم دفن الفقيد في جو جنائزي رهيب لتطفئ بذلك شمعة اديب ترك بصمات خالدة في تاريخ الأدب الجزائري و الامازيغي.