يتزامن الدخول المدرسي من كل سنة مع تسجيل ارتفاع محسوس في وتيرة حوادث المرور الخاصة بفئة المشاة، خاصة خلال الأيام الأولى، حيث يرتفع عدد الحوادث التي تقع أمام المؤسسات التربوية وعبر الشوارع القريبة منها خاصة بالنسبة للمدارس الابتدائية. وفي هذا الشأن، قال الخبير والباحث الدولي في السلامة المرورية، أمحمد كواش، أن زرع ثقافة السلامة المرورية لدى الأطفال مهم جدّا لتقليص عدد حوادث المرور لدى هذه الفئة. وأوضح كواش، في اتصال ل "الاتحاد" اليوم الأحد، أن الأطفال هم الأكثر عرضة لحوادث المرور في فئة المشاة، بالنظر لبنيتهم الجسدية، وجملة من العوامل المورفولوجية والفيزيولوجية الأخرى، حيث يجد الأطفال صعوبة في التعامل مع بيئة البالغين، على غرار الأرصفة العالية، كما أن قامة الطفل القصيرة تزيد من صعوبة ملاحظته من طرف سائقي المركبات، كذلك خطوات الطفل البطيئة يصعب عليه قطع الطريق بشكل سريع. وتشير الدراسات إلى أن الطفل لا يمكنه تحديد مصدر الصوت بدقة، إلا بعد بلوغه سن الثامنة، ومستويات النظر لديه او ما يعرف بحقل الرؤية يكون ضيق جدا مقارنة بالشخص البالغ، لذلك لا يستطيع أن يلاحظ بشكل دقيق موقع السيارة عند قيامه بقطع الطريق، كل هذه العوامل المورفولوجية تزيد من نسبة احتمال وقوع حوادث المرور لدى هذه الفئة. أما بالنسبة للعوامل النفسية تقول الدراسات، حسب المتحدث ذاته، أن الطفل لا يستطيع تحديد المسؤولية أو الخطورة، مما يجعله لا يبالي بالخطورة الموجودة في الطرقات. وحتى من الجانب القانوني، حوادث المرور التي تقع أمام المؤسسات التربوية والأحياء والمدن المكتظة بالمشاة خاصة الأطفال، يتحمل مسؤوليتها سائق السيارة الذي لم يرفع مستوى الحذر ولم يخفض السرعة في الأماكن العمرانية. "طفل اليوم هو سائق الغد"
وفي حديثه عن الاستراتيجية الفعالة لحماية الأطفال من حوادث المرور، ذكر الخبير في السلامة المرورية، جملة من التوصيات المهمة جدا في هذا الإطار، مشيرا إلى أن البداية تكون بتلاميذ السنوات الأولى، وذلك باعتماد أسلوبين، الأسلوب الأول يكون من خلال مرافقة التلاميذ واصطحابهم إلى المدرسة، اما الأسلوب الثاني فيرتبط بدور الأولياء في زرع ثقافة السلامة المرورية لدى أبنائهم، قبل الدخول المدرسي بحوالي شهرين تقريبا، حيث ينصح الآباء والأمهات باصطحاب أبنائهم الى المدرسة مرة أو مرتين في اليوم وتلقينهم كيفية التنقل من البيت الى المدرسة وكيفية قطع الطريق، وغيرها من التوصيات المهمة للحفاظ على سلامتهم وحمايتهم من حوادث المرور. ثم يأتي دور المدرسة في تلقين التلاميذ مبادئ التربية المرورية، وذلك وفق أساليب معينة، كأن يتولى مدير المدرسة أو نائب عنه، بصفة يومية أو دورية، تقديم مجموعة من المعلومات الثقافية والتاريخية، ويتكلم بالموازاة عن الطريقة الصحيحة لقطع الطريق وغيرها من التوصيات المتعلقة بهذا الشأن. كما يجب مراعاة تجنب بناء المؤسسات التربوية في الأماكن المفتوحة على الطرق المكتظة بحركة السيارات، ومن الأحسن أن تكون أبوابها موجهة للشوارع المغلقة التي تقل فيها حركة المرور. هذا، وأشار الخبير كواش، إلى أن العمل التطوعي على مستوى المدارس، مهم جدا في التوعية والسلامة المرورية لدى التلاميذ، من خلال مساهمته في تنظيم حركة السير وتقليص الحوادث أما أبواب المؤسسات التربوية. كما أن المجلات والكتب وكذا الأناشيد التربوية الخاصة بالسلامة المرورية، إضافة إلى الأشغال والرسومات التعبيرية تساهم بشكل فعال جدا في ترسيخ ثقافة التربية المرورية في الوسط المدرسي. وفي ختام حديثه ل "الاتحاد"، قال الباحث الدولي في السلامة المرورية، أن "طفل اليوم هو سائق الغد"، وعليه فإن الحرص على تنشئة الأطفال على المبادئ الأساسية في مجال السلامة المرورية، سيخلق جيلا حريصا على تجسيد هذه المبادئ على أرض الواقع، وبالتالي المساهمة في تقليص حوادث المرور.