أجمع مختصون اقتصاديون وماليون لجريدة "الاتحاد"، على أن الجزائر ستستفيد من مكاسب بالجملة من انضمامها الرسمي كمساهم في البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، سواء من الناحية الاقتصادية وحتى السياسية، مقابل خطر وحيد يمكن أن يتهددها. وأوضح الخبير المالي محمد حميدوش في تصريح خص به جريدة "الاتحاد"، بأن: "عضوية الجزائر كمساهم في البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، يجعلها عضوا في مجلس الإدارة بهذه المنظمة المالية الجهوية، ما يسمح لها بصناعة القرار داخل هذا البنك والمساهمة في توجيه السياسة العالمية لاستثماراته المستقبلية، فعلى سبيل المثال، إقرار توجيه تمويلات البنك إلى قطاع البيئة أو إلى قارة إفريقيا وغيرها، إضافة إلى شق العقوبات التي يفرضها البنك سواء ثنائيا أو متعددة الأطراف، وذلك زيادة على امتيازات للجزائر في سهولة التعامل مع خدمات البنك كالاقتراض والمفاوضة". من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي فارس مسدور، في تصريح خص به جريدة "الاتحاد"، بأن "انضمام الجزائر إلى البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير يعني بداية نشاطها في الدبلوماسية الاقتصادية، كما يمنح دخولها كمساهم فيه، امتيازات خاصة لتمويل مشاريعها الكبرى التي عجزت حاليا ميزانية الدولة عن تمويلها"، لافتا إلى أنه "على الرغم من أن هذا التمويل يدخلنا في شكل من أشكال المديونية الخارجية، إلا أنه ليس بتلك المعايير التي كان يضغط بها علينا صندوق النقد الدولي، وبالتالي فإن هذا الانضمام سيمنحنا نافذة جديدة لتمويل مختلف المشاريع، إضافة إلى الاستفادة من توظيف الموارد المالية للجزائر سيما بعض الاحتياطات من العملة الصعبة". وأوضح محدثنا بأن مكاسب كثيرة وإيجابية ستنالها الجزائر من هذه العضوية، أولها وضع قدم في الاتحاد الأوروبي بشكل غير مباشر، وثانيها إيرادات مرتقبة من أموالها المودعة لدى البنك مما يسمح بتنويع مداخيل الدولة الجزائرية، وثالثها التمكن من الحصول على تمويلات خاصة بتسهيلات خاصة لمشاريعها الكبرى، إضافة إلى تعزيز العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي عموما. واستطرد يقول بأنه: "يضاف إلى كل هذا خوضنا لتجربة جديدة تتعلق باستغلال احتياطاتنا من العملة الصعبة بطريقة فعالة أكثر على المستوى الدولي". وأشار مسدور إلى وجود إشكال وخطر وحيد يمكن أن يُحدِق بهذا الانضمام، وهو انهيار قيمة اليورو أمام العملات العالمية الأخرى، مستبعدا في السياق ذاته حدوثه نظرا للعدد المعتبر للدول المساهمة في هذا البنك الأوروبي. وأعلن البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير يوم الاثنين الماضي، بأن الجزائر أصبحت العضو رقم 73 بالبنك، لافتا في بيان له إلى أنها تقدمت بطلب العضوية في مارس سنة 2020 على أمل الحصول على استثمارات ودعم لإصلاح السياسات. وذكرت أوديل رينو باسو، رئيسة البنك في البيان ذاته بأنه: "يسعدنا استقبال الجزائر كأحدث مساهم ونتطلع للعمل معا وبحث الخطوة التالية لتعاوننا المشترك، خاصة فيما يتعلق باستفادة الجزائر من عمليات البنك". وتفتح عضوية الجزائر الباب أمام إمكانية حصولها على دعم لتمويل قدرة القطاع الخاص على المنافسة، وتعزيز إمدادات دائمة للطاقة، ورفع جودة وكفاءة الخدمات العامة في البلاد. هذا وقد صدر في منتصف شهر أوت 2021 في العدد 61 من الجريدة الرسمية، مرسوم رئاسي يرخص باكتتاب الجزائر في أسهم البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، في حدود 203 سهم. وجاء في هذا المرسوم الرئاسي رقم 21-309، الموقع في 9 أوت 2021 من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون: "يرخص في حدود مائتين وثلاثة (203) أسهم باكتتاب الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية في رأسمال البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير بموجب انضمامها إلى هذه المؤسسة". و"تتم عملية دفع مساهمة الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية، حسب اللائحة رقم 231 المؤرخة في 10 جويلية 2020 (لائحة انضمام الجزائر بصفة عضو، المعتمدة من طرف مجلس محافظي البنك) من أموال الخزينة العمومية". وكانت الجزائر قد انضمت مبدئيا إلى البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، بموجب المرسوم الرئاسي 21-185 الذي وقعه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في 5 ماي 2021. جدير بالذكر بأن البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، قد تأسس قبل ثلاثة عقود بهدف الاستثمار في الاقتصادات الشيوعية السابقة في أوروبا الشرقية، حيث يعمل البنك في نحو 40 دولة بالأساس في أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووسط آسيا. وتمتلك القوى الاقتصادية الكبرى بمجموعة السبع حصة أغلبية في البنك الذي توسع في السنوات الأخيرة ليضم مصر وتونس والمغرب في إفريقيا، كما أنه يستثمر وينفذ عمليات في عدة دول عربية كالأردن ولبنان وفلسطين. واستثمر البنك ما يربو على 12 مليار يورو في 260 مشروعا في جنوب وشرق منطقة البحر المتوسط، في موارد طبيعية ومؤسسات مالية وأنشطة زراعية وتصنيع وخدمات، فضلا عن مشروعات بنية تحتية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي وخدمات النقل.