ما تزال العائلات الجزائرية تحافظ على أعرافها و تقاليدها في كل المناسبات السعيدة على غرار الأعياد،فتزامنا و الاحتفال بعيد الفطر المبارك الذي لا تفصلنا عنه سوى أيام قليلة الذي تعارفت فيه الأسر الجزائرية منذ أمد بعيد على "المهيبة"،و هو عرف يقصد به الهدايا التي تستفيد منها الفتيات المقبلات على الزواج من أزواجهن على غرار المناسبات الدينية و الأعياد ،هي هدايا لتوطيد العلاقات بين العائلتين كعربون محبة بين العروس و الكنة بالإضافة إلى تعويد الشاب على تحمل مسؤولية نفقات زوجته قبل الزواج.تستعد بعض العائلات لإحياء عادة "المهيبة" على بعد أسبوعين من عيد الفطر المبارك،التي تتنوع بين الألبسة و الحلي و الأموال فكل و حسب إمكانياته و قدراته المادية ،و لكن ارتفاع تكاليف المعيشة حوّل هذا العرف إلى هاجس يثقل كاهل الشباب المقبل على الزواج رغم ما يخلفه من آثار نفسية إيجابية بين العائلتين إذ تساهم في توطيد أواصل المحبة بينهما،ما يدفعهم إلى التعجيل بإتمام مراسيم الزواج للتخلص من عادة "المهيبة"،و تزامنا و اقتراب موعد عيد الفطر المبارك نجد العائلات الجزائرية دخلت معترك البحث عن هدية تثلج بها صدر زوجة ابنهم المستقبلية خاصة في محلات بيع ملابس العروس و الذهب،فتوقفت يومية "الاتحاد" عند بعض العائلات التي كانت بصدد اقتناء "المهيبة" من بعض المحلات بأحياء من العاصمة. "المهيبة" متوارث عليها "المهيبة حاجة مليحة خلوها ناس زمان لازم نحافظوا عليها.."،هذا ما قالته الحاجة "خيرة"في حديث لها مع يومية "الاتحاد"،حيث كانت برفقة ابنها في محل خاص بالملابس النسائية ببئر خادم قصد اقتناء هدية لعروسها تقدمها لها في عيد الفطر المبارك،و عن شكل الهدية تقول أنها تشتري لها جبة تتلاءم مع المناسبات العائلية و عطر و حناء و حذاء،و تضيف:"كل واحد و مقدرته..مي تبقى المهيبة تتمييز بيها لعروس نهار العيد و العاشوراء.."،و غير بعيد عنها يتواجد "فريد" الذي كان يستشير صاحب المحل في الهدية المناسبة ك"مهيبة" حيث صرح ليومية "الاتحاد" أن "المهيبة" عادة مستحبة فبواسطتها يحسس زوجته بقدرته على تحمل مسؤوليتها حتى قبل الزواج. ..و عائلات يفضلن الحلي بينما تفضل بعض العائلات انتقاء حلي الذهب كهدية ثمينة لعروسهم في وقت نجد هناك عائلات تقتصر "المهيبة" عندهم فقط على معدن الذهب، و منهم من اغتنم فرصة انخفاض أسعار الذهب هذا الأخير الذي تتعلق به الكثيرات من الجنس اللطيف، فنجد محلات بيع الذهب و الفضة تعرف روّاجا كبيرا في هذه الأيام الأخيرة،فبالصدفة التقت يومية "الاتحاد" بالشاب"عبد الوهاب" الذي فضّل اصطحاب خطيبته "رميسة" لاقتناء "المهيبة" في محل للذهب ببئر خادم،الذي اختار هذه المرة أن تكون هدية زوجته في عيد الفطر المبارك خاتما من ذهب كونه آخر مناسبة قبل زواجهما الذي سيكون على موعد بعد أيام قلائل من شهر رمضان،و عن "المهيبة" تقول "رميسة" أنها تساعد كثيرا الفتاة في إتمام صداقها الذي بات يؤرق الفتيات المقبلات على الزواج، ناهيك عن أثرها في نفسية العروس فهي تبرز مد ى اهتمام الزوج بزوجته حيث علقت ضاحكة:"تبين شحال أعزك و يحبك راجلك أو يبان ويلا مشحاح و لا لالا.."،فيما أكدت الخالة "مليكة" التي كانت تساوم أقراط ذهبية أنها ستهديها لخطيبة ابنها الأصغر،كونها تعودت على إهداء زوجات أبنائها الكبار شيء من الذهب،كونه ثمين كما تقول:"حاجة مليحة تحمّر الوجه..". "المهيبة" تعجل الشباب من تطليق العزوبية "واحد يشري صداق مرة واحدة خير من هذي العادة إلى تعيي.."المهيبة بروصي إيخلصو الراجل كل موسم.. اللي عندو دايمن عيدو و اللي معندوش الله غالب أو المهيبة منزلتش فالقرآن.."، فيما وجد بعض الشباب المقبل على الزواج التعجيل بإتمام مراسيم العرس حلا ناجعا للتخلص من ثقل تكاليف "المهيبة" التي يرغمها عليه المجتمع في كل مناسبة من المناسبات الدينية،و في هذا الصدد يرى "رابح" في "المهيبة" أنها عادة تحرج الكثير من الشباب و توقعهم في غالب الأحيان في فخ الديون،خاصة و نحن في شهر رمضان الذي تتطلب فيه ميزانية عملاقة من المصاريف،فالشاب الذي يتحصل على راتب شهري متوسط فهل بإمكانه أن يغطي حاجياته و حاجيات العروس؟،أما "محمد" من بومرداس فيقول أنه لا يحب مثل هذه العادات، فقبل زواجه كان يكتفي بإعطاء زوجته مبلغ من المال في كل موسم عيد حسب قدرته المالية و المادية و في بعض الأحيان كان يستغني عنها و يضيف:"ميعنيش أنه كي مشرتلهاش منحبهاش.."، و ختم حديثه بأن السعادة لا تكمن في "الحدايد أو لحوايج.."و المال حسب قوله " وسيلة لتحقيق السعادة و ليس غاية في حد ذاته". نقمة تتحول إلى نعمة في الوقت الذي أصبحت فيه "المهيبة" نقمة و هاجسا يؤرق الشباب المقبل على الزواج نجدها نعمة على الفتيات حيث يستفدن منها في صداقهن،فيكنّ على استعداد تام لاستقبال هذه المناسبة الدينية أين تتميز فيها العروس فتقوم بتحضير أشكال و أنواع من الحلويات لاستقبال أهل العريس في الأيام الأولى من عيد الفطر المبارك حاملين لها هدية تكون من اختيارها أو من ذوق كنتها أو زوجها،فتكون كمفتاح لباب المحبة بين العائلتين،و يبقى عرف "المهيبة" عادة توارثنا عليها أب عن جد لما فيها من آثار نفسية إيجابية و مدى مساهمتها في توطيد العلاقة بين العائلات الجزائرية،فعلى الشباب المقبل على الزواج المحافظة عليها و لو بهدية بسيطة.