صبرينة دلومي في الوقت الذي تتلف فيه المساحات الخضراء أصحاب المال يستغلّون الفرص ويشيدون عليها محالات وبنايات في الوقت الذي تهمل هذه المساحات الخضراء، ومع الاعتياد على رؤيتها جرداء لسنوات، يستغل بعض التجار وأصحاب المال هذه المساحات الشاغرة ، ليشيدوا عليها محالات تجارية، فمع التوسع السكاني والاكتظاظ العمراني يجد الكثير من أرباب المال والتجار في هذه المساحات التي لا يهتم بها أحد أماكنا يمكن استغلالها كمحالات، وذلك بالحصول على تراخيص البناء من البلديات، بعدما تهمل هذه الأراضي من طرف السكان ولجان الأحياء والسلطات العمومية، ومع الوقت تتشوه المناظر الجميلة لتصير كتلا اسمنتية ومحالات غير متناسقة، والأكثر من هذا استغل بعض أصحاب النفوذ والمال العشرية الماضية ليشيدوا بنايات وسط الأحياء كانت مخصصة في واقع الحال للمساحات الخضراء، فظهرت الكثير من البنايات والفيلات وسط الأحياء السكنية في غياب تناسق وتناغم بين البنايات المشيدة قديما والأخرى، التي شيدت حديثا، أين يلتهم الاسمنت في صورة مقززة التربة التي كانت مخصصة للزهور والنباتات الخضراء والأشجار، ورغم شروع الدولة في تهديم الكثير من هذه البنايات التي أنجزت بغير تراخيص أو حتى بتراخيص كانت الدولة فيها منشغلة بمحاربة الإرهاب، إلا انه رغم ذلك فإن الحديد والاسمنت وتعرية الأرض قضى نهائيا عن تلك المساحات، التي لو استغلها المواطنون وحاولوا أن يتعاونوا ليجعلوا منها حدائق في أحيائهم لانعكست على راحتهم بالإيجاب، إلا أنه وبعد فوات الأوان وتحطيم الدولة للبنايات الفوضوية التي شيدت على المساحات الخضراء ما تزال آثار الأضرار التي لحقت بالبيئة ظاهرة وواضحة للعيان. بعد انتشار البطالة مساحات خضراء تتحول إلى أسواق فوضوية من الظواهر السلبية أيضا، التي قلصت المساحات الخضراء داخل الوحدات السكنية والمدن، انتشار البطالة التي حولت الكثير من المساحات الخضراء إلى أسواق فوضوية للشباب العاطلين عن العمل، حيث تتحول هذه الأراضي في المساء إلى مكب كبير لمختلف بقايا السلع من كرتون وأكياس بلاستيكية وغيرها من الفضلات التي لا يمكن تصورها، ومن الواجب التذكير أن سلبية المواطن ساهمت في ضياع مساحات جميلة وتحولت، إلى أسواق فوضوية واسعة، ويكفي زيارة قصيرة لمختلف بلدياتنا خاصة في العاصمة لنقف على حجم الدمار الذي لحق بالمساحات الخضراء، التي تحولت مع مرور الزمن إلى أسواق فوضوية كبيرة في غياب تام لأي رقابة، ومع تعاقب السنوات على هذه الظواهر الشاذة صارت البلديات تجد صعوبة في إخراج هؤلاء الباعة من هذه الأسواق، بعدما صاروا يحققون أرباحا طائلة، من دون أن يتعاملوا مع مصالح الضرائب، وقد حدث هذا في إحدى بلديات شرق العاصمة، أين تحولت مساحات خضراء هامة إلى روضة للأطفال ونصفها الآخر تحول إلى سوق فوضوي، ورغم انجاز البلدية لسوق جديد يجمع التجار الفوضويين إلا أن هؤلاء رفضوا الرحيل عن هذه المساحات متحججين بالسنوات الطوال التي قضوها في هذه الأرضي، التي تحولت إلى سوق فوضوي كبير، ورغم مرور الشهور ما تزال البلدية عاجزة عن ترحيلهم، و مثل هذه القضية لا تنطبق على هذه البلدية فقط، بل هي حالة واحدة من عدة حالات ضاعت فيها المساحات الخضراء تحت رحمة الأسواق الفوضوية وشباب لم يجد فرصة في العمل فتحولوا إلى تجار فوضويين على مساحات خضراء واسعة . الجزائري وغياب ثقافة المساحات الخضراء: لا تعد المساحات الخضراء داخل مدننا ضرورية وفقط، بل صارت حاجة ملحة، بعد الاكتظاظ العمراني الغير منظم والمدروس، الذي عرفته مدننا، فرغم تشييد الآلاف من الوحدات السكنية في السنوات الأخيرة، إلا أن الملاحظ أن الأماكن المخصصة للمساحات الخضراء، إما تختفي بعدما تحول إلى غير الغرض الذي خصصت له أو تهمل وتصير مجرد رقعة ترابية بور، والأكثر مأساوية من هذا أن تتحول مساحات خضراء واسعة داخل الأحياء إلى مكب للنفايات والفضلات ومرتعا للحشرات والجرذان، والأمر هنا لا يتعلق بإهمال السلطات المحلية فقطن بل يرجع بالأساس إلى غياب ثقافة المساحات الخضراء لدى المواطن الجزائري، الذي لا يلقي بالأهمية لهذا العنصر الحيوي في مدينته أو حيه، فمع الأسف الحملات التطوعية في الأحياء السكنية شبه غائبة أو مغيبة، وحتى لجان الأحياء لا تلعب دورها الأساسي في المحافظة على جمالية الأحياء وحتى صحة ساكنيها، ومع الأسف الشديد أيضا شوهدت مساحات خضراء جميلة شيدتها الدولة لتكون ملاذا للسكان، يحولها الأطفال إلى ملاعب، متلفين النباتات والزهور ومختلف الغطاء النباتي الأخضر دون رادع سواء من السلطات أو السكان، ومع الوقت تتحول هذه الأراضي الخضراء إلى أراضي جرداء . المساحات الخضراء ودورها في الصحة النفسية مما لا شك فيه أن المساحات الخضراء لها دور كبير في الصحة النفسية لدى الإنسان، حيث تؤثر بشكل إيجابي على أصحاب الأزمات النفسية، وضغوط العمل والمجتمع، لهذا ينصح المختصون في الطب النفسي مرضاهم بالتوجه نحو الأماكن الخضراء ، وحتى العمال والموظفين يتوجهون كل مساء من أجل الاسترخاء والراحة والابتعاد عن ضغط العمل والهروب من الروتين، وأثبتت الكثير من التجارب الطبية النفسية، أن الكثير من المرضى نفسيا وعصبيا يتعافون بسرعة حين يرتادون المساحات الخضراء باستمرار رئيس نادي المخاطر الكبرى البروفيسور عبد الكريم شلغوم: المشكلة في غياب القانون اعتبر رئيس نادي المخاطر الكبرى البروفيسور والدكتور عبد الكريم شلغوم، أن غياب تطبيق القوانين هو سبب التسيب العمراني والقضاء على المساحات الخضراء، ويضيف رئيس نادي المخاطر الكبرى أن المتعارف عليه في كل الدول هو التطبيق الحرفي للمجسمات ومخططات العمران، وأي تغير يمس العمران بعد تشييده يكلف صاحبه عقوبات قانونية ويتابع أمام القضاء، إلا أن ما يحدث عندنا يضيف شلغوم يعتبر ظواهر سلبية، حيث تضاف بنايات بكاملها بعد التشييد دون أن تكون موجودة في المخططات الأصلية، كما أكد أن القانون يحضر إضافات جديدة مهما كانت صغيرة، إلا أن ما يحدث في وسط أحياءنا ظواهر خطيرة وغريبة، حيث يتعدى الكثير من المواطنين على المساحات الخضراء بإضافة أسوار أو حتى تشييد ملاحق لبيوتهم، وهذا يحضره القانون، فمثلا في المغرب وتونس لا يوجد مواطن يغير في البناء أو يتعدى على مساحات خضراء، والمسؤولية هنا يقول الدكتور المختص في الكوارث الطبيعية والصناعية تتحملها الهيئات المحلية والولائية، التي تغض النظر عن الكثير من التجاوزات التي صارت عند البعض عادية ،في الوقت الذي كان ينتظر منها التطبيق الحازم للقانون دون تردد، ففي كل بلدية يمنع التغيير في مخططات العمران ويمنع أي إضافة للمشروع الأصلي، إلا أن ما يحدث على ارض الواقع رهيب وخطير، حيث صارت تشييد أسواق ومحالات وببساطة وكأن الأمر عادي، وسط مساحاتنا الخضراء، وفي أحيان أخرى ننجز وحدات سكنية داخل هذه المساحات، التي من المفروض أن تكون فضاء أخضر، وهذا ما يرفع من درجة الخطر في حال حدوث أي كارثة طبيعية أو حتى صناعية بحكم أن الأحياء والوحدات السكنية في مخططها الأصلي شيدت لتتحمل الكوارث الطبيعية والصناعية ، إلا أن الإضافات الأخرى ترفع درجة خطورة ، كلما أضفنا هيكلا لم يكن مصنفا في المخطط الأصلي، وأضاف عبد الكريم شلغوم، أن غياب لجان الأحياء والجمعيات التي تعمل على حماية البيئة وتحافظ على النسق العمراني سمح بكثير من التجاوزات، معتبرا أن المواطن غير مسؤول عن تطبيق القانون، فلو طبق القانون لما تجرأ أي مواطن وقام بالاعتداء على المساحات الخضراء، وعلينا أن نذكر يقول الخبير على أن القانون في مجال العمران يجب آن يحترم كما يتم احترام قانون المرور، وذكر الخبير بغياب منصب منسق أو مسؤول يتكفل بالمدن وتنظيم العمران على غرار الكثير من الدول التي فيها مسؤولين مكلفين بالمدن والعمران وهذا ما أثر حسبه على الوضع وجعل الكثير من المساحات الخضراء تحت رحمة الاسمنت والأسواق، وبعضها تحول إلى مكب للنفايات، وفي الأخير أكد الخبير في الكوارث الطبيعية أن المسؤولية هنا تتحملها مديرية التعمير والسلطات المحلية والولائية لانها المسؤولة عن تطبيق القوانين . مؤكدا أن غياب تطبيق القانون هو الذي سمح بالتجاوزات التي جعلت الكثير من المساحات الخضراء تنقرض . وللمواطن جزء من المسؤولية من دون شك أن غياب تطبيق القانون جعل الكثير من المساحات الخضراء تختفي تحت وطأة الإهمال أولا، ثم الاسمنت وعوامل أخرى ثانيا، لكن السؤال الذي يفرض نفسه، هو أين دور المواطن من كل هذا، ولكي لا نكون مبالغين فإن المواطن يتحمل جزءا هاما من المسؤولية، لأن غياب المساحات الخضراء تعود تأثيراتها السلبية عليها وعلى أسرته مباشرة، فيكفي تنظيم حملات تطوعية مرة في ستة أشهر من أجل توسيع المساحات الخضراء، وتجديدها لتعود مساحتنا إلى طبيعتها، ولو تواصل هذا المواطن مع المسؤولين المحليين طالبا المساعدة من اجل المساحات الخضراء وتنظيمها، فلا نعتقد أن الهيئات المحلية سترفض تقديم المساعدة، فالإهمال والتقصير قبل أن يكون من طرف البلدية أو الولاية كان بدايته من لا مبالاة المواطن الذي بدأ بالتجاوزات والاعتداء على المساحات الخضراء، وهنا علينا أن نؤكد أن المسؤولية مشتركة بين كل الفعاليات بما فيها المواطن . ////////////////// مهل يدعو إلى مبادرة عالمية لمكافحة الأخطار البيئية "على بلدان الشمال والجنوب تنسيق جهودها في مجال الإعلام والاتصال " دعا وزير الاتصال، ناصر مهل، إلى مبادرة عالمية ترمي إلى مظافرة الجهود في مجال الإعلام والاتصال في مجال مكافحة الأخطار البيئية خاصة التصحر وتدهور الأراضي . صبرينة دلومي أوضح مهل خلال ورشة جهوية للإعلام حول تدهور الأراضي و التصحر والجفاف ان "بلدان الشمال والجنوب مطالبة بتنسيق جهودها في مجال الاعلام والاتصال، في إطار مبادرة عالمية من اجل مكافحة فعالة للاخطار البيئية التي تهدد الكوكب". كما ابرز الوزير أهمية الاتصال في تعميم المعارف وفهم الرهانات البيئية فضلا عن تحسيس السكان بالتهديدات التي تتربص بكوكب الأرض. من جانبه اعتبر وزير الفلاحة و التنمية الريفية رشيد بن عيسى بأن الاعلام والاتصال يمثلان "تشكيلة أساسية لأي استراتيجية لمكافحة تلك الظواهر" داعيا إلى ايلائها "اهتماما كبيرا". أما الأمين التنفيذي لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر السيد لوك غناكادجا، فقد اعتبر من جانبه مشاركة الصحفيين في مسار المعاهدة ب"المحوري" مضيفا ان ورشة الجزائر تعتبر "حلقة اساسية" في استراتجيتها للاتصال. و تندرج هذه الورشة في أفق تنظيم الندوة العالمية حول التنمية المستديمة التي تدعى "ريو+20" و المزمع عقدها يومي 21 و22 جوان المقبل بالبرازيل. ستشارك الجزائر في القمة بصفتها رئيسة مجموعة ال7+7 الصين ونائب رئيس ندوة أطراف اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر .