انتشرت في الآونة الأخيرة بين أوساط الشباب ظاهرة المواقع الاجتماعية ،التي استحوذت على عقول الشباب حتى أصبح الفرد المتصفح لهذه المواقع الاجتماعية و كأنه يكلك العالم كله بين يديه حتى أصبح بمثابة قرية صغيرة يتجول فيها و قد وجدت هذه الأخيرة يوما لخدمة شعب أدمن وجودها لتصبح أداة تواصل تفتح فيها القلوب، تروى فيها المآسي ، يعبر بكل حرية عما يخالج شباب رأى فيها وسلية بعيدة عن التغطية والرقابة التي قد تشكل عائقا في التعبير، يفتعلون الأسماء والشخصيات المزورة، يؤسسون فكرا وفسحة خاصة بهم ، إلا أن جنود خفاء يستغلون الفكرة بأسلوب خاص يروجون لأفكار تصنع الفتنة عسى أن تمس باستقرار البلاد، هو واقع أصبحنا نسمع عنه كثيرا ربما يشكل انعكاسا ليوميات الشاب الجزائري الذي قد يستهلك ولا يعي، يساند الرأي دون معرفة سابقة لكواليس هذه الأفكار، ومن يؤسس هذه الدهنيات ؟ وقد كان للشباب المدمن على "الفايس بوك" الذي يعتبر من بين أحدى المواقع الأكثر شعبية على الشبكة العنكبوتية ، حيث يسمح للناس بالتواصل فيما بينهم و التعبير على أرائهم و أفكارهم و كذا طرح مختلف الانشغالات فيما بينهم، ليتم التعليق عليها ،هذا ممتع خاصة بين الأحباب و الأصدقاء ، ولكن في المقابل هناك من يستعمل هذه المواقع الاجتماعية و خاصة "الفايس بوك" كوسيلة للتحريض أو كسب أكبر نسب مشاركة أو التعليق إزاء هذا الموقع الاجتماعي الذي يرصد أحداث العالم بشكل يومي و يجعله في متناول أنامل المتصفح. عمدنا أن تكون الأسئلة موجهة للشباب بالدرجة الأولى ، لان من خلال ما لاحظناه أن أغلبية من كان في مقاهي الانترنت ،شباب و فتيات من نفس العمر تقريبا، يصبون اهتمامهم و تركيزهم على صفحة "الفايس بوك" يتحدثون مع أشخاص يعرفونهم أو لا يعرفونهم ، من داخل الوطن أو من خارجه،و لا يمتلكون حتى الوقت الكافي للرد على أسئلتنا، و بالكاد استوقفنا "سليم" 19 سنة الذي كان على وشك إغلاق صفحة "الفايس بوك" ،سألناه عن مدى ارتباطه بهذا الموقع الاجتماعي فأخبرنا أنه لا يمكنه أن يمضي يوم دون أن يلقي على الأقل نظرة شاملة عليه و معرفة من حاول الاتصال به أو ترك له رسالة أو علق على حائطه ليتمكن من إجابتهم و هكذا" "فايس بوك" يعوض حنان العائلة يعتبر "الفايس بوك" ذو طبيعة اجتماعية بحثه، إذ يساعد الإنسان و بشكل كبير على مشاركة الآخرين الأفكار و الأخبار و كذا تبادل المعلومات و الإسرار التي لا يمكن البوح بها لأي فرد من العائلة خاصة إذا كان أحد الأولياء ، و هذا ما أكدته لنا السيدة "نوارة" عن ابنتها الوحيدة "نسيمة" البالغة من العمر 17 سنة و التي اعتادت استعمال "الفايس بوك" بشكل يومي ، لأنها عند استعماله تشعر بالألفة و السعادة خاصة و أنها البنت الوحيدة، و أضافت أن تعاملها مع أصدقائها ينسيها وحدتها إذ تقوم بتفريغ ما بداخلها لأصدقائها على هذا الموقع الاجتماعي . ظاهرة لها أن تهدد أخلاق الصغار من خلال ما ذكرناه أعلاه ،حول الموقع الاجتماعي "فايس بوك" أن له أن يهدد أخلاق الأطفال الصغار في السن ، كما أن التعرض للشبكة الاجتماعية و بدون مراقبة من الأولياء أو من مالكي هذه المقاهي من شأنه تغيير مبادئ الطفل و اكتسابه لعادات و تقاليد غربية بعيدة كل البعد عن عادات و تقاليد مجتمعنا الجزائري ،و هذا ما لمسناه عند استجوابنا لبعض الأولياء ، فأخبرنا "ر.سليمان" أب لطفلين، إذا لزم استعمال الطفل لهذه المواقع الاجتماعية في سن مبكرة ،فيجب على الأولياء القلق على هذا الطفل الذي مازال في طريق النمو، فمن شأن هذه المواقع الاجتماعية أن تلعب دور في تغيير طبيعة الطفل و تجعله أداة تسيرها كما تشاء ،و تجعله يعيش في عالم افتراضي ،هذا ما خلق انفكاك داخل الأسرة الواحدة ،لان عقل الطفل لم يكتمل بعد و لا يمكنه أن يفرق بين ما ينفع و ما يضر ، و من جهة أخرى تحدثنا مع "أمينة" أم ل 4 أبناء ،تقول أن هذه المواقع الاجتماعية أثرت كثيرا على سلوك ابنتي و جعلها تتصرف مع الآخرين بكل برودة و بلامبالاة و بكل بساطة كما تراجع مردودها الدراسي كثيرا في الآونة الأخيرة و منذ أن أدمنت على هذه المواقع ، و في هذه العطلة لم تبتعد نهائيا على الكومبيوتر و هذا ما أقلقني كثيرا خاصة و أن الدخول الاجتماعي لم تعد تفصلنا عنه إلا أياما معدودات ، و أنا على يقين أنني سوف أتعرض لعدة مشاكل حين عودتها للدراسة ، و سوف أعمل على قدم و ساق حتى أخلصها من هذا العالم الذي ولجته . خلقت لغة خاصة بها تتميز هذه اللغة بأنها مصطلحات خاصة لا يعرفها إلا من يعاشرهم باستمرار ويعرف تلك المصطلحات يستخدم الشباب العربي في محادثتهم عبر الانترنت مصطلحات تهدد مصير اللغة العربية، تحولت إلى رموز وأرقام مثل الحاء "7" الهمزة "2" والعين"3" الخ... إلى أين شبابنا سيوصلون بالغة العربية ؟ أصبح هذا مجتمعنا لا يبشر بالخير على الإطلاق، خاصة عندما بدأ شبابنا يؤلف هذه اللغة في مواجهة الآخرين والتباهي والتفاخر يجب على الأهل ضرورة مراقبة أبنائهم والتحلي عن الثقة الزائدة التي ترفع بالشباب إلى هاوية جديدة من الضياع والإفلاس القيم الأخلاقية وتدمير اللغة العربية عبثا يجب على المجتمع العربي تبني عدة برامج وان يحول هذه الطاقات المهددة من طاقات سلبية تهدم وتدمر وتخرب إلى طاقات ايجابية تبني المجتمع وتقود بيه إلى الإمام وانقاظ شبابنا نحو مستقبل أفضل. المختص الاجتماعي "حنطابلي" "واقع افتراضي يلجأ له الشباب للتعبير عما يخالجه ..." ربما هو البحث عن الواقع الافتراضي الذي أكد عليه في اتصال هاتفي مع أستاذ علم الاجتماع السيد "حنطابلي" الذي رأى في هذه المواقع موازنة بين الواقع الافتراضي وواقع الإنسان المعاش، فعندما لا يجد شبابنا في الواقع فسحة للتعبير عما يخالجه ليتقاسم أفكاره مع شباب غيره، هنا حتما عليه اللجوء لفضاء للتعبير عن ذاته تعبيرا مباشرا، يخلق منه انطباعات اجتماعية حول قضايا تمس كيانه كشاب جزائري افتقر لفرصة يعبر فيها علنيتا عن رضاه واعتراضه لفكرة معينة ، ليجد نفسه اليوم أمام هذه المواقع في حالة يعبر من خلالها عما يخالجه بأسلوب تعبيري مختلف سواء صور أو مقالات،أو فيديوهات، لكن كلها تؤكد وتوصل رسالة شاب وجد من المواقع مرآة عاكسة لواقعه ، ربما خلق واقع افتراضي رغم أنه هو الواقع الفعلي ليغيره لوسيلة تعكس تعبيراته وتطلعاته وأفكار تخالجه في شتى المواضيع سياسية اجتماعية ثقافية وحتى أموره النفسية ، لكن عبر فضاء وقناع مزيف لكي لا يدرك المتلقي كواليس هذه الأفكار. ومن جهة أخرى أكدته الأستاذة "سميرة سكرات" مديرة مركز البحوث والتطبيقات وأخصائية اجتماعية عن تأثير ذلك في المجتمع، "للاتحاد" أن مواقع التواصل الاجتماعي فيها إيديولوجية تصور واقع معين، يقال أن الغرض منه تقريب الناس ووجهات النظر، لكن أكيد لكل منها خلفية أخرى ، قد تستهلك سلبيا وهنا الخطر لأنها ستؤثر لا محال في ذهنية الشاب الجزائري الذي يستهلك من دون نقد للموضوع ولا حتى بحث عن مصدر المعلومة، التي من المؤكد أنها ستنتقل من فكر فرد لتتداول وسط المجتمع فتصبح القضية قضية رأي عام وأكيد ستؤثر بطريقة أو أخرى في تفكير جيل مدمن على شبكات التواصل الاجتماعي، و من خلال ما لاحظناه أنه أصبح مصدرا معلومات لأغلبية الشباب الذي يهضم الفكرة ولا يبحث عن خلفياتها