فضل الله عز وجل الإنسان من بين المخلوقات جميعا وأعطاه أحقية العقل والتعلم ليبلغ أعلى مراتب المعرفة نظرا لطبيعة وخصائص عملية التعليم وما تفرضه من جهد ووقت وطول النفس لضمان النجاح وتحقيق الأمل، جعلت الاختبارات لتقويم مدى استفادت المتعلم من العملية التعليمية.. ولكن هذه المرحل عبر مختلف مستوياتها الدراسية (من الابتدائي الى الجامعي) باتت مستثقلة يستصعبها طالب العلم متطلباتها.. وبلوغ الهدف ليس بالأمر السهل لذلك يصر البعض على المثابرة والصبر والاجتهاد في سبيل تحصيل نتائج تصر، بينما اتخذ آخرون وسيلة وانتقالهم من مستوى إلى آخر بطرق ملتوية عبر الغش الذي اتخذوه مخرجا للتعويض عن النقص لتحقيق الذات ونيل التقدير ورد الاعتبار من قبل أفراد الأسرة والمدرسة.. "الطالب بلا غش كالطائر بلا عش"، "من نقل انتقل" ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه" كلها عبارات يستعملها الإنسان الغشاش ليبررها، ويسوق خلفها أوهن الأعذار لتصبح مسألة اعتيادية مرتبطة بموقف اضطراري يخرج منها الممتحن بصفة شطارة، دون حراك من المجتمع أو من يمتلك رحى التغيير أو أصحاب القرار، اتجاه هذه مخالفة الصارخة لنداء الضمير الحي الذي ينميه الدين، ومع أن الغش محرم في الشرع والقانون لقوله صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) ويعرف ضمن سياقه العام بأنه "خيانة للأمانة وتزوير للحقيقة وتعاون على الإثم والعدوان بغير حق، إلا أنه استفحل إلى حد كبير منذ زمن والجديد فيه الذي تريد الاتحاد الغوص فيه هو الابتكارات والطرق الجديدة التي بات الطالب الغشاش يستعملها خاصة مع بروز الوسائل التكنولوجية الحديثة وغيرها من الحيل التي جعلت الكل يشكو من انتشار تلك الظاهرة واتساع نطاقها في شتى مرافق الحياة .فلماذا يلجأ طلابنا للغش؟ ولم يجدون له مبررا؟ الغش الإلكتروني ضرب في الصميم كافة وسائل الرقابة الغش ظاهرة تستحق التوقف عندها طويلا، للنظر فيها ومعالجتها بحق، إذ إنها تعدت أن تكون مجرد سلوك فردي إلى ظاهرة تجتاح المجتمع الطلابي والأدهى من ذلك أن الطالب لم يرتكز على وسائل الغش التقليدية في الامتحانات، بل ولج الغش أوسع أبواب التطور الذي يشهده العالم في الوقت الراهن، والذي تطورت معه أساليب الغش بصورة كبيرة، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى عجز المدرسين عن اكتشافها، وهو ما دفع البعض للقول: إن الغش الإلكتروني ضرب في الصميم كافة وسائل الرقابة على الامتحانات.. لي مع الغش قصص لا تنسى.. وعلى هذا تقول منال جمعي أستاذة الطور الثانوي: "لي مع الغش قصص لا تنسى أقدمها استخدام القبعة وهي أسهل الطرق حيث يقوم بعض الطلبة بوضع قبعة"كاسكيطة' على الرأس لأن ناصيتها تخفي الجزء الأعلى من الوجه، مما يتيح للطالب إلقاء بصره على ورقة اختبار زميله بسهولة للغش دون أن يلاحظ المراقب حركة أو اتجاه عينيه، أو الكتابة على اليد وارتداء قميص ذو أكمام طويلة حتى ولو كان الحر شديدا أو الكتابة على الجدران وهي أقدم الطرق وأسهلها يقوم بها طلبة المدارس والجامعات على حد سواء، حيث يقوموا بكتابة أجزاء من المنهج الذي سيختبرون به على الجدار، وذلك يحدث لحظات قبل الامتحان عندما يدخل الطلبة القسم حاملين مراجعهم بحجة مراجعة المنهج للمرة الأخيرة قبل الاختبار، أو في اليوم السابق له".فيما تقول المعلمة حواء أنها في كل موسم اختبار تكتشف أحدث طريقة للغش والأخيرة كانت منذ أسبوع وهي الغش الملصقات التجارية لعبوات المياه حيث اصطحبت فتاة قارورة ماء معدني حيث بدأت أشك فيها عندما لاحظت مدى تعمقها في تأمل القارورة، لأكتشف طباعة "حرزها"عليها بشكل دقيق وأعادت إلصاقها في مكانها بطريقة احترافية، ظنا منها أنها لن تكتشف.. أما الحيلةالأخرى في الاستظهار بكمام القميص على الطاولة، ليبدو للمراقبين أنها يد، بينما الحقيقية تعبث في الهاتف الذكي عن الإجابات أسفل الدرج. تواطؤ أولياء والأساتذة يعبر عن تراجع في قيمة العلم بينما أجمع العديد من الطلبة أنه ما من تلميذ لم يقم بعملية غش خلال الامتحان ولو لمرة واحدة مهما بلغ نبوغه وتفانيه في الدراسة حسبهم ويرون أن الغش هو تعاون من أجل النجاح وعمل محبب لتحاشي الرسوب والفشل، رغم أن هذا التعليل يعبر عن تراجع خطير في القيم، خاصة قيمة طلب العلم، والسكن والسهر من أجله عملا بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (طلب العلم فريضة) .. إلا أن بعض الطلاب والطالبات استمرؤوا ظاهرة الغش في ظل تواطؤ وتشجيع من قبل بعض أولياء والأساتذة على ممارسة عملية الغش سعيا منهم لأن يحصل أبناؤهم على علامات ومعدلات مرتفعة ولو بطرق وأساليب ملتوية لا تخدم العملية التعليمية...في هذا الصدد تشير فتون.ب أستاذة علم النفس العام: الغش حلقة من متلازمة ثلاثية معروفة تتكون من الكذب والسرقة وخيانة الأمانة، الغش خيانة للنفس وخيانة للآخرين وهو يبدأ في الامتحانات وينتهي إلى كل مناحي الحياة، فكم من طالب قدم بحثا ليس له فيه إلا اسمه على غلافه وكم من طالب قدم مشروعا ولا يعرف عما فيه شيئا وقد تعجب من انتكاس الفطر عند بعض الطلبة فيرمي من لم يغش بأنه معقد ومتخلف وجامد ولربما تمادى أحدهم فاتهم الطالب الذي لا يساعد على الغش بأنه لا يعرف معنى الأخوة ولا التعاون لا نتوقع من الغشاش أن يكون إطارا صالحا في المجتمع وتسترسل الدكتور فنون قائلة: بعد كل امتحان نلاحظ تأثر التلميذ من الأستاذ المراقب له خلال الامتحان خاصة فيما يتعلق في شهادة التعليم المتوسط أو البكالوريا فإن وجدوه متراخيا ومتساهلا يسمح لهم بالغش فهو نعم الأستاذ ويتمنون مراقبته لهم طيلة فترة الاختبار وللأسف هنالك العديد من الأساتذة المتواطئين مع جريمة الغش في الامتحانات والتغاضي عنها اكبر خديعة ترتكب بحق المجتمع بل هي مؤامرة وخيانة كبيرة للمجتمع متجاهلين أن الغشاش الذي ساعدوه يمكن أن يتخرج من ليكون طبيبا لا يعرف معنى الأمانة الطبية أو ليكون قاضيا مرتشيا غير عادل آو محاميا متآمرا على العدالة أو سفيرا أو رجل دولة انتهازي أو صيدلي يمارس بيع الأدوية المغشوشة أو أستاذا يبيع الأسئلة .. الغشاش يزيح من هو أكفأ منه ليطفو هو على السطح وفي الأخير علينا أن نتيقن أن الغشاش يزيح من هو أكفأ منه ومن بذل اكبر الجهد وسهر الليالي، ليحل محله دون وجه حق.. وهكذا ينزل الموهوب والذكي والمثابر والمجتهد إلى أدنى سلم الترتيب كلما طفا على السطح من كان مستعدا للغش . وعلى هذا الحال من الظلم الاجتماعي المقيت لا يتصور احد بعد ذلك انه من الممكن أن ينهض المجتمع وينال سبل الرقي والتقدم. من غش في الاختبارات فراتبه حرام وعليه إعادة الاختبار الغش ظاهره خطيرة وسلوك محرم أيا كانت الوسيلة المستخدمة لكن ضعف الإيمان والتربية والكسل والخوف من الفشل هي من الأسباب المعينة لارتكاب مثل ذلك الفعل الامتحانات هي من الأمور التعليمية لذا فإن الغش في هذا المجال له عواقب وخيمة كتأخر الأمة عدا عن ذلك أن ما سيرزق به عن طريق هذه الشهادة التي أتت عن طريق الغش حرام وكل جسد نبت من حرام النار أولى بهويؤكد العلامة بن باز أن الواجب الحذر من الغش والتواصي بتركه.وقد أجاب الشيخ بن جبرين على سؤال حول حكم الغش في اللغة الانجليزية أو العلوم البحتة كالرياضيات وغيرها بقوله: (لا يجوز الغش في أي مادة من المواد مهما كانت لأن الاختبار المقصود منه هو تحديد مستوى الطالب في هذه المادة، ولما في ذلك الغش أيضا من الكسل والخداع وتقديم الضعيف على المجتهد مستشهدا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من غشنا فليس منا) ولفظ الغش هنا عام لكل شيء.