في الوقت الذي شمّر فيه التلاميذ المقبلون على اجتياز امتحانات رسمية بداية الشهر المقبل على سواعدهم لخوض غمار الاختبارات بالمراجعة وسهر الليالي في حفظ الدروس، تحرص فئة أخرى من الكسلاء على متابعة أحدث التقنيات وأساليب الغش خاصة في المواد الأدبية والقواعد العلمية على موقع "اليوتيوب"، حتى يتمكنوا من الحصول على الشهادة دون بذل جهود تُذكر ودون تحصيل علمي، ولسان حالهم يقول: "من نقَّل انتقل ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه". وجد العديد من الطلبة المتعودين على اتباع تقنيات وأساليب الغش خلال جميع مراحلهم التعليمية أنفسهم أمام امتحانات حاسمة كالبكالوريا والتعليم الأساسي يكاد يستحيل عليهم الغش فيها بوجود عدد كبير من الحراس داخل القسم. وللخروج من هذه المعضلة وجد الطلبة الغشاشون أنفسهم يبحثون عن سبل مختلفة للغش عبر موقع "اليوتيوب" حيث تنتشر فيديوهاتٌ تشرح أساليب الغش وطرقه بالتفصيل الممل. وتتطور التقنيات من سنة إلى أخرى فهناك التي يتبع فيها أحدث الوسائل التكنولوجية كأقلام اللايزر، الساعات الذكية وأجهزة الآيباد، ومن المنتظر أن تزداد هذه التقنيات تطورا بوجود "جي 3". في حين يفضِّل آخرون العودة إلى الوسائل القديمة من كتابة رقيقة والتي يطلق عليها الطلبة الغشاشون "الحروز"، وهي ملخّصات شاملة لكل الدروس المتوقعة خاصة وأن العتبة سهلت عليهم الغش كثيرا وأسقطت العديد من الدروس من الحسابات، أو الكتابة على الجسد بالنسبة للفتيات اللواتي يفضلن ارتداء الثياب القصيرة كي يكون بإمكانهن إلقاء نظرة على ملخّصات الدروس. ولأن الغش يشغل تفكير العديد من الطلبة، فقد راحوا يتناقلون على صفحة الفايسبوك مقولات تحرض وتشجع زملاءهم على إتباع سلوكهم على شاكلة "علمتني الحياة أن لا أنظر خلفي إلا في الامتحان"، أو مجموعة من الأقوال المحرَّفة والتي يتم نسبها إلى فلاسفة ومفكرين معروفين كقول فيثاغورث: "الطالب بلا نقل كالشاطئ بلا رمل"، أو كالقول المنسوب لسقراط "الطالب بلا غش كالطير بلا عش". ولم يسلم من الأقوال التهكمية المنسوبة للفلاسفة اينشتاين "إذا توقف العقل فابدأ بؤوا صفحات خاصة تحفزهم على هذا السلوك الخاطئ والمشين والمسيء إلى سمعة الطالب الجزائري، محاولين إيجاد "فتاوى مقنِعة" مثل "جواز الغش في اللغات الأجنبية كالفرنسية والإنجليزية لأنها لغات الكفار؟"، وآخرون مستهترون اعتبروا "الغش في الشريعة يمنع وقوعهم في تحريف القرآن الكريم؟" وهي حجج واهية وسخيفة لا أساس لها من الصحة.
وتزامنا مع انتشار هذه الطرق، فتحت جبهة أخرى من الطلبة صفحات وتداولوا منشورات تدعو للامتناع عن الغش ومجاراة الداعين لاتباع هذه الأساليب الدخيلة عن مجتمعنا، حيث حرصوا على نشر فتاوى لكبار علماء الأمة كابن عثيمين، ابن باز، ابن جبرين، ومحمد المنجد يدعون فيها الطلبة للحذر من الغش في أي مادة حتى ولو كانت أجنبية، موضحين أن الغش من كبائر الذنوب لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من غشَّنا فليس منا"، فالغش يترتب عليه نجاح طالب وهو ليس جدير بذلك ثم يتحصل على شهادة لا يستحقها، وقد يتحصل بذلك على مناصب في الدولة وهو ليس أهلاً لها، وقد ذهب بعض الأئمة أبعد من هذا حين اعتبروا أن الرواتب الشهرية التي يحصل عليها الطالب الغشاش بعد توظيفه حراما.