تجددت عصر أمس مظاهرات احتجاجية وسط العاصمة السودانية الخرطوم بعد ساعات من فض مظاهرة نظمها طلاب جامعة الخرطوم للتنديد بمقتل زملاء لهم في جامعة الجزيرة وسط السودان. وأغلق محتجون جسر الفتيحاب الرابط بين الخرطوم وأم درمان، في حين تبادل آخرون تراشق الحجارة مع الشرطة التي استخدمت الغاز المدمع في محاولة لتفريقهم. وكان التوتر قد بدأ مع تطويق عشرات من رجال شرطة مكافحة الشغب مقر جامعة الخرطوم -أعرق الجامعات السودانية- بعد خروج طلابها إلى الشارع للتظاهر، وعلى الرغم من نجاح الشرطة في إعادتهم إلى داخل أسوار الجامعة، فقد ردد الطلاب هتافات تطالب بالقصاص لأربعة طلاب قالوا إن موالين للحكومة قد قتلوهم الجمعة. وتطورت هتافات المحتجين من القصاص إلى شعارات من قبيل "الشعب يريد إسقاط النظام" و"ثورة ثورة حتى النصر". وقال شهود عيان إن اختناقات وإصابات متفاوتة وقعت بين المتظاهرين الذين كانوا يحاولون التجمع في ميدان جاكسون وسط العاصمة. وكان أربعة طلاب بجامعة الجزيرة -بينهم ثلاثة من أبناء إقليم دارفور- وُجدوا الجمعة غرقى في قناة مائية قرب الجامعة، بحسب رواية مسؤولي ولاية الجزيرة وإدارة الجامعة، وذلك عقب تصاعد للأحداث بالجامعة عندما قام عدد من الطلاب بإخراج الأساتذة والطلاب من داخل قاعات الدرس وإخراج بعض أعضاء هيئة التدريس من مكاتبهم والتعدي على ممتلكات الجامعة مما اضطر الشرطة للتدخل، وفق لبيان صادر عن الجامعة. لكن متحدثا باسم رابطة أبناء دارفور قال لرويترز إن الطلبة نظموا اعتصاما الأربعاء بجامعة الجزيرة للمطالبة بإعفائهم من الرسوم الدراسية، فقام أنصار حزب المؤتمر الوطني بفض الاعتصام، وإن عددا من الطلبة اختفوا إثر ذلك قبل أن يعثر على أربعة منهم قتلى في قناة قرب الجامعة، محملا إدارة الجامعة واتحاد الطلاب التابع للمؤتمر الوطني مسؤولية مقتل هؤلاء الطلاب. وقد قرر مجلس عمداء جامعة الجزيرة في اجتماع طارئ تعليق الدراسة في جميع كلياتها ومعاهدها ومراكزها بمختلف مستويات الدراسة، وبرر ذلك في بيان بقوله "حرصا على سلامة الطلاب ومنسوبي الجامعة وبعد التأكد من متابعة الجهات المختصة للإجراءات القانونية والعدلية المتعلقة بالأحداث". وفي السياق نفسه، وصف تجمع المعارضة الحادثة بالمجزرة البشعة، وقال في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه إن الحادثة "استفزت الضمير الوطني في كل السودان". وطالب التجمع بتكوين لجنة مستقلة ومحايدة للتحقيق في ملابسات الحادة والقصاص من "القتلة الذين أمروا بالجريمة والذين نفذوها"، كما طالب بإطلاق سراح كافة المعتقلين من الطلاب وكفالة حق طلاب دارفور في الإعفاء من الرسوم الدراسية، معتبرا أن "المجزرة تؤكد من جديد الضرورة البالغة لرحيل حكومة المؤتمر الوطني الضالعة في الانفلات الأمني وغياب حكم القانون وإهدار دماء الطلاب والشعب". وكانت جامعة الخرطوم شهدت منتصف العام الحالي أحداثا مختلفة امتدت لأكثر من شهر، اعتقل خلالها مئات من الطلاب ونشطاء المجتمع المدني وبعض السياسيين.