تعتبر المخدرات من القضايا التي تحتل الصدارة من بين المشكلات الاجتماعية والصحية والاقتصادية خصوصا بالمجتمع الجزائري، حيث واكب بروز هذه المشكلة على الصعيد العالمي ظهور العديد من المؤلفات بجميع اللغات الأجنبية منها و العربية موجهة إلى عموم القراء على اختلاف أعمارهم واهتماماتهم ومستوياتهم التعليمية والثقافية. لازالت قضية المخدرات من بين الآفات التي يتخبط فيها المجتمع الجزائري، و حسب الإحصائيات الجديدة أنه ما يزيد عن 300 ألف شاب جزائري يتعاطون المخدرات ، وان 95 % منهم من الذكور في حين النسبة المتبقية من البنات ، وأشارت الإحصائية أن أعمار هؤلاء الشباب تتراوح بين 12 و 35 عام وذلك مثلما أعلن عبد الملك سايح المدير العام للمكتب الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان ، ووفقا للدراسة التي خلص إليها المكتب الوطني لمكافحة المخدرات ، فإن تعاطي المخدرات كان يتمركز بشكل كبير في المدن ، لكنه في الفترة الأخيرة أصبح ينتقل للقرى والمناطق الريفية ومناطق جنوبالجزائر، كذلك فهو قد طال الجامعات والمدن الجامعية ويعتبر تعاطي المخدرات بالجزائر العقبة الأولى أمام جهود التنمية بسبب ما يفرزه الإدمان من أمراض اجتماعية وانحرافات، إلى جانب أنها تستنزف جزءا كبيرا من العملات النقدية، وتختلف طرق تعاطيها من صنف إلى صنف ومن شخص إلى شخص، فالبعض يفضل التعاطي منفردا والبعض الآخر يشعر بالنشوة وهو يتعاطاها وسط مجموعة، وبالنسبة للمخدرات نفسها فالبعض يفضل الشم والبعض الآخر يفضل التدخين وبعض ثالث يفضل الحقن في الوريد وهكذا... ومن أمثلة ذلك: الحشيش، الأفيون ، الكوكايين... وقد أرجع المختصين الاجتماعيين أسباب تعاطي الشباب لهذه المخدرات إلى مرافقة أصدقاء السوء وعدم الاستقرار في العلاقات الأسرية ومشكل البطالة ، ثم عدم الوعي وضعف الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية لدى المواطنين ويظهر ذلك من خلال ترددهم في التعامل والتعاون مع الجهات المعنية لمكافحة المخدرات. وهذه الأسباب تؤثر بشكل سلبي على صحة متعاطيها فهي تؤدي إلى خمور المخ والمخيخ والنوبات القلبية، وضعف الذاكرة واضطراب في التفكير وبالتالي انخفاض في معدل الذكاء، والإصابة بأمراض خطيرة كالسرطان، وتنعكس أثارها أيضا على المجتمع مثل انتشار الجرائم وتفشي العادات السلبية كالزنا وغيرها، وانتشار الخلافات وسيادة التوتر والشقاق بين الأفراد، ويمثل تعاطي المخدرات عبئا كبيرا على الدولة، فهناك خسارة مادية تتمثل فيما يتم من مكافحة الظاهرة، وفي عمليات الإنفاق على المتعاطين أنفسهم، كما أنها وسيلة غير شرعية للربح بالنسبة للتجار الذين يتاجرون بها، وهذا ما يؤثر بشكل سلبي على اقتصاد الدولة. من هنا فإن مشكلة المخدرات ليست مشكلة تخص الفرد المتعاطي لها فقط، بل تخصنا جميعا لأننا ننتمي إلى المجتمع، فهي قضية خطيرة على المجتمع الإنساني ككل تتطلب جهود ومبادرات من كافة المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها للتصدي لها، وذلك بوضع مخططات وبرامج شاملة ومتكاملة للقضاء على هذه المشكلة وإنهاءها من الوجود.