عندما يتفاجأ المهرّبون بعناصر الأمن أو الدرك وهم يقيمون الحواجز في أماكن غير متعودين عليها، فإنهم لا يترددون في الاستعانة بمهاراتهم في قيادة السيارات عبر الشوارع والأحياء الضيقة بطرق جنونية، الغاية منها الإفلات من قبضتهم، وهي الوضعية التي تتسبب في إصابة المارة بجروح قد تصل في بعض الأحيان إلى حد القتل. تتجول سيارات نفعية من نوع الدفع الرباعي ترجع ملكيتها لمهرّبين معروفين بولاية تبسة في شوارع عاصمة الولاية بكل حرية ودون أن تتعرض لمراقبة الوثائق أو توقيع المخالفات، رغم أن سائقيها ينزعون لوحات الترقيم والأضواء الخلفية نهائيا، ولا يتوانون في بث الرعب في أوساط السكان من خلال الحركات ''الهوليودية'' حتى أمام المدارس والمؤسسات. تشهد مدينة تبسة وأغلبية البلديات تفاقم ظاهرة الاستعراضات الهوليودية لسيارات المهربين التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء باستهداف المواطنين وعناصر الشرطة والدرك. فقد أقدم صاحب سيارة من نوع 505 بيجو لا يحوز أي وثيقة على صدم طفلة بحي الجرف تبلغ من العمر 4 سنوات كانت برفقة والدها، حيث توفيت بمستشفى عنابة الجامعي، فيما ظل والدها يصارع الموت طيلة 4 أيام ليلفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن عجز الأطباء عن إنقاذه، كما لقي شخص آخر نهاية الشهر الفارط مصرعه أمام منزله بنفرين بنفس الطريقة. وكان وسط المدينة، نهاية الأسبوع الماضي، مسرحا لجريمة أخرى، وهي محاولة صاحب سيارة نفعية مشبوهة بالعمل في تهريب الوقود قتل شرطي بدهسه ورفض التوقف بعد أن صدم سيارة مواطن، ولحسن الحظ فإن الطاقم الطبي تدخل على مستوى العيادة الجراحية عالية صالح وأخرج الشرطي من حالة الخطر. نفس المصير تعرض له دركي ببلدية أم علي الحدودية من طرف سيارة تهريب لا يعترف حائزوها بتطبيق أي قانون سوى المرور بالبضائع المهربة أو الانتحار. ولا يزال الرأي العام بتبسة يتذكر الطريقة الأليمة لمقتل الطفلة عبير حميدان بقلب المدينة بعد رجوعها من المدرسة القرآنية إلى حي تيفاست. هذه الحوادث هي صورة يومية يعيشها مواطنو عاصمة الولاية وبعض البلديات.. فالأحياء الكبرى بعاصمة الولاية منها حي 580 سكن والمرجى ولارمونط وأول نوفمبر وأحياء أخرى التي عرفت عملية التهيئة للأرصفة والطرقات، خلال الأشهر القليلة الماضية، تحولت إلى مواقع مفضلة من طرف بعض المجموعات الشبانية التي لا تحوز حتى رخص السياقة، يجرون فيها تدريبات على القيادة بسرعة جنونية على طريقة الأفلام الهوليودية والبوليسية، وأغلبية الأحياء ذات الكثافة السكانية يلجأ لها أصحاب سيارات دبي والسعودية والشارقة للتصدير وسيارات نفعية أخرى استفاد منها أصحابها من مختلف أجهزة الدعم لدى مؤسسات الدولة لإجراء حركات تدريبية لكيفية التعامل المفاجئ مع ملاحقات الدرك والشرطة وكيفية الفرار، وتعمد قلب السيارة وطمس معالمها المنجمية لتجنب المتابعات القضائية، في مقابل ذلك غيبت إشارات المرور وعلامات المؤسسات التربوية بالتخريب العمدي أو عدم تثبيتها أصلا ما جعل شوارع كثيرة بالمدينة ملجأ لعصابات التهريب. ويأمل المواطن التبسي تبني إجراءات أكثر صرامة ضد هؤلاء من قبل أجهزة الرقابة على الأقل في المناطق الحضرية، والقضاء على هذا النوع الجديد من الإرهاب وتعديل التشريع إلى القتل العمدي بالنظر إلى الفرار المتكرر لمرتكبي حوادث المرور الخطيرة، وهو مطلب برز بقوة في الآونة الأخيرة سيما بعد حادثة مقتل الطفلة عبير وفرار مرتكب حادث المرور وإخفاء جثتها، حتى يوقف نزيف الأرواح البشرية التي شكلت معبرا لأرباح طائلة تدخل جيوب بارونات التهريب.