شخص يريد أن يفتح دكانًا يبيع فيه السجائر فقط وبكل أنواعها، فهل ماله الّذي سيجنيه منه حلال أم حرام؟ إنّ الدِّين الإسلامي يحث على العمل والكد والسّعي من أجل الحصول على الرزق الحلال، ويحارب الخمول والكسل ومد الأيدي للنّاس ليعطوا أو يمنعوا بذلهم أو صدقتهم عن السائل الماد يده، فتجد أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان تاجرًا من تجار قريش الأمناء الجادّين في عملهم، ثمّ بعد بعثته صلّى الله عليه وسلّم تفرّغ للدعوة والتّبليغ عن الله عزّ وجلّ، وقد ذهب كبار الصحابة يشتغلون بالتجارة طلبًا للرزق الحلال، وقد ذهب أصحاب الدثور منهم بالأجور العظيمة لأدائهم العبادات على أكمل وجه ولبسط أيديهم بالصدقة والإنفاق على الفقراء والمحتاجين. والمؤمن يحرص كلّ الحرص على أن لا يدخل في ماله فلس واحد من الحرام، وقد ذكر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ المرء يحرم إجابة الدعاء إن كان ملبسه حرامًا وشرابه حرامًا ومأكله حرامًا وغُذّي بالحرام حيث قال: ''أنّى يستجاب له؟'' فمن أسباب عدم إجابة الدعاء هو الاسترزاق من الحرام. ومعلوم أنّ حفظ النّفس وحفظ المال من كليات الإسلام، قال تعالى {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} البقرة: 195، والتّدخين محرّم لإضراره بصحّة المرء ولتضييعه لماله، فقد ثبت من بحوث الطب الحديثة أنّ التدخين يؤدّي بالمدخّن إلى الموت البطيء، فهو إذن نوع من الانتحار، والانتحار محرّم في الإسلام ويخلّد صاحبه في نار جهنّم يوم القيامة. ويتحايل بعض النّاس فيقولون اختلف العلماء في حكم التدخين، إذ قال بعضهم بكراهته لا بتحريمه فنقول: لقد ذهب بعض العلماء قديمًا إلى كراهة التّدخين لعدم علمهم بأضراره الصحية، أمّا اليوم وبعد أن تطوّر مجال الطب ثبت أنّ التدخين يقتل الإنسان ويهلكه، فحصل إجماع في هذا العصر على تحريمه، فلا يلتفت إلى حكم الكراهة بعد هذا، فحكم التدخين إذن هو التحريم، ومَن استمرّ في هذا الفعل بعد أن عَلِم الحكم فهو آثِم مستحق لعذاب الله عزّ وجلّ. بعدما ذكرناه يتبيّن أنّ التجارة في الأمر المحرّم شرعًا محرّمة، وفتحك لمحل أو دكان تبيع فيه السجائر بجميع أنواعها لا يجوز، وعليك أن تقلع عن هذا الفعل وأن تتوب إلى الله تعالى، ولك أن تستبدل تلك السلعة المحرّمة بسلعة أخرى تكون حلالاً وما أكثرها، فالله جعل للنّاس من الحلال والطيّبات ما يُغنيهم عن الحرام والخبائث.