دخلت، صبيحة أمس، وحدات الحماية المدنية في حالة استنفار قصوى لضخ المياه الراكدة وتصريفها، والتي شكلت مستنقعات حاصرت مؤسسات وأحياء عديدة وشلت الطرقات، وحرمت عشرات التلاميذ من الالتحاق بمقاعد الدراسة. أفادت مصالح الأرصاد الجوية بأن كميات الأمطار التي تساقطت على مدار 24 ساعة بولاية الطارف، ابتداء من منتصف أول أمس، بلغت نسبة 42 ملم. وفي صبيحة يوم أمس، استفاق سكان البلديات الفيضية على وقع المستنقعات والبحيرات المائية التي غمرت 23 حيا، وألحقت ب90 عائلة أضرارا جراء التسربات المائية. وحاصرت الفيضانات 12 مؤسسة تعليمية و21 مؤسسة عمومية على رأسها مقر الولاية، وهذا في البلديات الفيضية: ''الطارف عاصمة الولاية الأكثر تضررا، بن مهيدي، بريحان، بحيرة الطيور، عين العسل، البسباس، الشط والذرعان''. وتسبب حصار المياه في انقطاع الكهرباء عن عشرات الأحياء والمؤسسات بفعل التسربات التي غمرت تجهيزات الشبكة الكهربائية. كما تعطلت حركة المرور بالطريق الوطني رقم 44 عند محاوره ببلديات: بحيرة الطيور، عين العسل وسيدي قاسي ببلدية ابن مهيدي، وأيضا الطريق الوطني الساحلي 84 أ على مستوى بلدية بريحان، والطريق الوطني الحدودي 82 على مستوى المطروحة. وقد تسببت هذه الفيضانات في حرمان أكثر من 20 ألف تلميذ من الالتحاق بمقاعد الدراسة لجميع الأطوار التعليمية. ومعلوم أن كل هذه الأحياء العمرانية والطرقات الحضرية ومحيط المؤسسات كانت ضمن المساحات العمرانية التي استفادت من أكثر من 210 مشروع بين سنوات 2004 إلى 2009 ضمن برامج التهيئة الحضرية والعمرانية والتطهير؛ إذ استفادت الولاية من أكبر الحصص المالية مقارنة بباقي ولايات الوطن. وهي المشاريع التي استهلكت 400 مليار سنتيم في التهيئة العمرانية و200 مليار سنتيم في تطهير الوسط العمراني. وفي سنة 2010، أقرت التقييمات الرسمية، وعلى لسان الوالي السابق في المنابر الرسمية، بأن هذه الإنجازات لا وجود لها في واقع الميدان بقدر ما حوّلت رداءة نوعيتها السيئ إلى الأسوأ. وحسب المتتبعين لهذا الواقع من خبراء التنمية المحلية وإطارات تقنية على مستوى الأجهزة التنفيذية، فإن هذه المشاريع التي تزامنت مع الاستحقاقات الانتخابية المحلية والبرلمانية سنة 2007 والرئاسية 2009، طالها الغش المفضوح بهدف استثمارها في الحملات الانتخابية التي سيّرها بطريقة مباشرة كبار المقاولين المحليين، وهذا على مرأى ومسمع الولاة السابقين، طالما أن هذه الحملات الممولة بأموال البرامج التنموية تخدم مصالح النظام من خلال المترشحين في قوائم أحزاب التحالف، وغالبيتهم من المقاولين المستفيدين من الريع التنموي.