أجمع ضيوف ''الخبر'' الذين حاولوا جسّ نبض ''واقع السيناريو في الجزائر''، على أن الحلول الكامنة وراء استعادة مجد الكتابة المسرحية والسينمائية والتلفزيونية، ''مرهون بوضع استراتيجية واضحة وتوفر إرادة سياسية حقيقية لفتح قطاع السمعي البصري، الذي من شأنه إنعاش المشهدين الثقافي والفني، وكذا الرّفع من وتيرة الإنتاج والارتقاء بنوعيته''. أوضح الممثل وكاتب السيناريو مالك حدّار، لدى نزوله ضيفا على ''الخبر''، أن ''السيناريو في الجزائر فن حديث النشأة، لم يواكب بعد الصيرورة التي بلغتها عديد الدول العربية والغربية''. معقبا ''صحيح أننا نملك كتّاب سيناريو يبذلون قصارى جهدهم لتفعيل المشهدين الثقافي والفني، ولكن للأسف فإن معظمهم عصاميون ولا يفقهون أدنى أبجديات الكتابة، وذلك موازاة مع غياب المؤسسات التكوينية وانعدام الأقلام المختصة، التي من شأنها صقل مواهبهم وتكوينها وفق أطر علمية ومناهج بيداغوجية''. مشيرا إلى أن ''الشلل الذي طال مؤسساتنا الثقافية والفنية، مردّه القحط الذي مررنا به خلال العشرية السوداء، والذي أثّر سلبا على الحركة المسرحية والسينمائية والتلفزيونية''. معلقا ''هناك إرادة سياسية تسعى إلى النهوض بهذه القطاعات الحيوية، ولكن إذا ما قارنا بين إنتاج اليوم والأمس، نلاحظ أن إنتاج الأمس أفضل ممّا هو عليه اليوم. فكاتب السيناريو آنذاك كان يترجم واقعه كما هو، دون مزايدة أو مغالاة، خلافا لما هو حاصل الآن''. ومن جهته، أبرز كاتب السيناريو حسين طيلب، أن الصيغة التي تحتكم إليها اللعبة الإنتاجية حاليا، تفقد العمل أمورا عديدة، خصوصا ما تعلق بالجانبين الفني والجمالي، ''فنحن لا نملك منتجين حقيقيين بل منتجين منفذين، يخضعون لدفتر شروط يمليه منتج وحيد هو التلفزيون الجزائري، وعليه فنحن عندما نكتب نكون مقيّدين بميزانية محددة وفترة زمنية معينة، ما يضطر المنتج المنفذ لانتهاج سياسة التقشف التي تعود بالسلب على مردودية العمل ككل''. مستطردا ''لقد حان الأوان لأن يتفتح كاتب السيناريو على مواضيع وقضايا جديدة، تعرّي واقعنا بالصورة التي تعكس فعلا همومنا وانشغالاتنا، بعيدا عن تلك الصورة النمطية التي تشعرنا بالملل والرتابة''. وبخصوص الأزمة المنوطة باللغة الدرامية، أرجع صاحب الجزئين الرابع والخامس من سلسلة ''جحا''، العوامل التي ساهمت في بروزها، إلى عدم مراعاة النسق السوسيو- أنتربولوجي للعمل، فضلا عن ترويج بعض كتّاب السيناريو للهجة معينة على حساب أخرى، وكذا عدم احترام ثنائية اللغة والزمن.. وغيرها''. ومن منظور آخر، اعترف طيلب بأن ''كاتب السيناريو في الجزائر هو الحلقة الضعيفة في قطاع السمعي البصري، ولاسيما بعد أن أضحى السيناريو مجرّد وثيقة إدارية، عكس الدول الغربية التي تصف كاتب السيناريو برجل الظل الذي يجلب الضوء''.