الذكر عبادة تشرّع للمسلم على كلّ حال وفي كل زمن. فقد كان النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، يذكر الله على كلّ أحواله. ومع ذلك، فقد خَصَّ الله مواسم معينة، فأمر بذكره فيها لفضلها وفضل العمل فيها. ومنها أيّام التّشريق. فقد أمر الله تعالى بذكره في أيام التشريق فقال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}، البقرة 302. وهذا الذكر في هذه الأيام أنواع متعددة، كما قال الحافظ ابن رجب رحمه الله، منها: - ذِكرُ الله بالتّسمية والتّكبير عند ذبح النُّسُك: كما قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}، الحج 82. - ذِكر الله تعالى بالتّكبير عند رمي الجمار والدعاء بعدها؛ كما في حديث عائشة، رضي الله عنها، أنّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''إنّما جُعِل رمي الجمار والسّعيُ بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله''، رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. - ذِكر الله المطلق، فإنّه يستحب الإكثار منه في أيّام التّشريق كما قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}، البقرة 002 202. روى عبدُ بن حميد عن عكرمة أنّه كان يستحب أن يدعو بهذا الدعاء في أيام التّشريق. - التّكبير، فإنّه يُشْرَع للحاج أن يُكبرّ دُبُر كلّ صلاة مفروضة، من صلاة الظهر يوم عيد الأضحى إلى صلاة العصر آخر أيّام التّشريق. ولغير الحاج ابتداء من صلاة ظهر يوم العيد المبارك وإلى غاية فجر رابع يوم من أيّام العيد، وقد خُصّصت ب51 صلاة. ودليل مشروعية التّكبير هو قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}، البقرة 302. والأيّام المعدودات هي أيّام التّشريق، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما الّذي رواه الإمام البخاري أنّه كان يُكبّر بمنى تلك الأيّام وخلف الصّلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه، وكانت النساء يُكبّرن ليالي التّشريق خلف عمرَ بنِ عبد العزيز رضي الله عنه.