طالب الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد الحميد مهري، الدولة الجزائرية لفتح ملف الجزائريين الذين ذهبوا ضحايا تصفية جسدية من قبل جبهة التحرير الوطني بتهمة الخيانة، وأن تعيد الاعتبار لهم وتصحح أخطاء بعض قادة الثورة، قائلا: ''لا يجب أن نترك بعض الجزائريين يحسون أن الثورة ظلمتهم''. انتقد المجاهد عبد الحميد مهري العضو السابق في الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، خلال الندوة التي نظمتها أمس، جمعية ''مشعل الشهيد'' بمقر يومية المجاهد، حول العقيد محمدي السعيد، محاولات بعض المؤرخين تشويه سيرة قادة الثورة عن طريق ''التركيز على أخطائهم فقط، مشددا في هذا الصدد بأن قادة الثورة كلهم كانوا ''مخلصين'' و''وطنيين''. وذكر السيد مهري أن الكثير ممن يتعرضون لسيرة قادة الثورة يركزون على الجوانب السلبية في مسارهم النضالي، داعيا المؤرخين إلى ''وضع هذه الأخطاء في سياقها التاريخي ومعالجتها بطريقة موضوعية''. واتهم المجاهد عبد الحميد مهري المخابرات الفرنسية بتدبير مناورات أدت إلى انحرافات في الثورة، مثل قضية ''ملوزة'' و''لابلويت''، قائلا أن ''التاريخ غير واضح بالنسبة إلينا كقادة، عندما حمّلنا الفرنسيين المسؤولية، وطالبنا بلجنة تحقيق دولية حتى وإن كان السبب أخطاء وقع فيها أشخاص''. مشيرا في نفس السياق إلى أن الخطأ صفة بشرية، لكن يجب وضعه في سياقه التاريخي. مضيفا أن ''هناك جزائريين كانوا ضحايا تصفيات جماعية من طرف الجبهة، وعلى الدولة اليوم أن تفتح هذا الملف، وتخرجهم من دائرة الخونة وتصنفهم كشهداء حتى نعطي كل ذي حق حقه''، مستطردا بأن هذا ''لا يجعلنا نشكك في وطنية قادة الثورة، لكن لا تعمم أخطاؤهم على باقي الثورة''. مضيفا ''على جيل الاستقلال أن يعالج هذه الأخطاء، لأنه لا يجب أن نترك جزائريين يحسون بأن الثورة ظلمتهم''. كما دافع عبد الحميد مهري عن اختيار محمدي سعيد الألمان كحلفاء، وقال أن المرحوم ''كان يرى في التحالف مع الألمان، المخرج الوحيد لاستقلال الجزائر، وأن الكثير من مناضلي حزب الشعب قد تبنوا هذا الطرح''. كما دعا المؤرخين إلى ''إلقاء الضوء الكامل على سيرة جيل الثورة والميراث الضخم والعظيم الذي تركوه. وهذا للاستفادة منه لبناء المستقبل''. وقال مهري ''إن عظمة الثورة تكمن في عظمة قادتها، فلو كانوا غير صالحين، فكيف تغلبوا على الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية؟ وكيف واجهوا هذه القوة العظمى؟'' وأضاف أنه من واجب كل جزائري الحفاظ على ذاكرة شهداء الثورة الجزائرية ''نقية وحقيقية دون محاباة ولا تحيز. من جهته تطرق ''شريف ابترون'' رئيس ديوان محمدي السعيد، إلى مواقفه السياسية في الفترة 62 و,70 حيث ألقى محمدي السعيد خطابا في قرية ''تاسفت''، وصف فيه حكم بومدين بالدكتاتوري، مما عرضه إلى استجواب من قبل مجلس الثورة، ورد على الاستفسار برسالة، قال فيها إنه يجب أن نتوقف عن الاستئثار بالسلطة وننظم انتخابات ونعيد الكلمة للشعب. وهذا ما أدى إلى عزله. ولم يعد إلى الحياة السياسية إلا سنة .1988 الجزائر: مسعودة بوطلعة