دقت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها، ناقوس الخطر، حول عدد من الملفات ذات الصلة المباشرة بالحياة اليومية للمواطنين. ودعا التقرير السنوي للجنة الخاص ب2009 السلطات العمومية إلى التحرك السريع لإيجاد حلول لها. في هذا الصدد، أسهب التقرير في التحذير من الفساد الذي بات ''ينخر جسد الدولة والمجتمع من الأساس.. والذي يرافقه انحلال النسيج الاجتماعي''. وحسب تقرير لجنة قسنطيني ''لم يصبح المواطن يثق في مؤسساته وصار يلجأ إلى أشخاص موجودين على مستويات مختلفة يمكنهم أن يمنحوهم بعض الحقوق والمزايا على حساب التشريع والتنظيم المعمول بهما''. وتابع التقرير الذي تسلمت ''الخبر'' نسخة منه أمس، أن ''هؤلاء الأشخاص من إطارات أو أعوان في الدولة، قاموا بخوصصة الوظيفة التي يمارسونها، وساعدهم في ذلك تعيينهم إلى ما لا نهاية في وظائفهم، وصاروا يسيّرون مختلف المؤسسات والإدارات التي كلفوا بها كما لو كانت ملكا يدر عليهم مزايا مادية عند كل عمل يقومون به أو قرار يتخذونه، ويلاحظ مثل هذا السلوك على جميع مستويات المسؤولية''. ويأسف تقرير فاروق قسنطيني لمفارقة غريبة تتمثل في أن ''بعض إطارات الدولة صار يبلغ عنهم بالاسم في الصحافة بسبب عمليات الاختلاس دون أن تتحرك الآلة القضائية لمتابعتهم''. وقد عززت هذه الوضعية قناعة المواطن بأن الفساد ''قد عمّ وما عليه إلا أن يعمل على هذا الأساس، خاصة وأن الإطارات المعنية لم يودعوا أي شكوى بشأن ما يتعرضون له أو تأسسوا كطرف مدني...'' الأمر الذي أدى إلى ''تغلغل حالة التفسخ إلى أوصال الدولة''. وعلى الصعيد الاجتماعي، فإن تقرير فاروق قسنطيني لم يترك أي مجال للجهات الرسمية بالدفاع عن نفسها.. وهو بذلك يرسم واقعا أسودا يلقي بظلاله على سياسات الدولة من أجل معالجة هذا الخلل. ويشير التقرير في تشريحه للوضع المزري للمواطنين اجتماعيا، إلى دراسة أجرتها المديرية العامة للأمن الوطني بالتعاون مع المركز الوطني للدراسات المتعلقة بالسكان، والتي خلصت إلى أن ''ما لا يقل عن 60 في المائة من الشباب المتمدرس ينتظرهم مستقبل مبهم ونسبة 73 في المائة لا يوجد لهم إطار معيشي و58 في المائة ليس لديهم أي نشاط رياضي، ونسبة 90 في المائة لا ينتسبون إلى أي جمعية، و33 في المائة يحلمون بالاستقرار في الخارج''.