دعا رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان السيد فاروق قسنطيني، السلطات العمومية إلى اتخاذ إجراءات عملية لاحتواء حالة تدهور القدرة الشرائية، محذرا من أن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات اجتماعية· وقال المحامي قسنطيني الذي نزل سهرة أول أمس، ضيفا على منتدى التلفزيون، أن الوضع الاجتماعي في البلاد يتطلب تكفلا عاجلا من طرف السلطات، حيث يتعين عليها استغلال الوضع المالي المريح للبلاد لإيجاد حلول لمشاكل المواطنين من بطالة وسكن· وأوضح رئيس اللجنة الذي تحدث مطولا عن التقرير السنوي لوضعية حقوق الإنسان في الجزائر، أن نص هذا التقرير الذي سيسلمه لرئاسة الجمهورية نهاية الأسبوع الجاري يشير صراحة إلى وجود توتر بخصوص الحقوق الاجتماعية وأن "تكلفة الحياة أصبحت مشكلة أساسية في البلاد يتعين إقرار تدابير عاجلة لاحتواء هذا الوضع"· ولم يخف المتحدث قلق اللجنة من ظاهرة الحراقة (الهجرة غير الشرعية)، وأوضح أن "وضعية الشباب تدعو للقلق نظرا لغياب مناصب شغل"، ولكنه عبّر عن ثقته في تحرك السلطات في الاتجاه الصحيح لتدارك الوضع "قبل فوات الأوان"·وعن وضعية حقوق الإنسان في الجزائر بصفة عامة أكد أنها تبقى بعيدة عن "المأمول" رغم أنها عرفت تحسنا كبيرا خلال السنوات الماضية، وأضاف أن لا أحد يمكن القول أن الأمور تحسنت مائة بالمائة أو ينكر ما تحقق· وعلى صعيد آخر نفى المحامي قسنطيني، أن تكون اللجنة التي يترأسها تعرضت لضغوط من أي طرف كان في إعداد تقريرها وأجزم بأنها مستقلة "بأتم معنى الكلمة" في نشاطها وفي التقارير التي تعدها· وأضاف أن الرئاسة باعتبارها تملك وصاية على اللجنة "لم تتدخل يوما في شؤونها منذ تأسيسها قبل ست سنوات"· وفي رده على شكاوى العديد من المواطنين الذين اتصلوا بالحصة عبر البريد الإلكتروني والمنصبة حول عدم استفادتهم من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية رغم "أن النص صريح فيما يخص حالتهم"، إتهم السيد قسنطيني الإدارة بممارسة البيروقراطية في معالجة بعض الملفات، وقال أن العديد من الحالات المنصوص عليها في ميثاق السلم والمصالحة اصطدمت بالبيروقراطية وقدم مثالا عن التعويضات المخصصة لعائلات المفقودين، مضيفا"أن تلك العائلات قبلت بشق الأنفس خيار التعويض وبعد ذلك اصطدمت بالبيروقراطية"· وعن عودة التائبين للنشاط السياسي أكد ضيف التلفزيون، "أنه حتى وإن كانت صلاحيات هيئته محدودة في هذا المجال إلا أن تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية واضحة في هذا الإطار، حيث تمنع عنهم أي نشاط سياسي على الأقل في الوقت الحالي"، وأبدى في نفس السياق معارضته لاعتماد أحزاب سياسية جديدة، وقال "المبالغة في الحرية تعاكس الحرية" ولكنه رافع من جهة أخرى من أجل رفع الحظر على اعتماد النقابات المستقلة· أما في مجال مكافحة الإرهاب فأوضح رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، أن الجزائر من خلال الهجمات الإرهابية الانتحارية الأخيرة "تعيش حاليا إرهابا من الجيل الثاني، مما يحتم على السلطات أن تجهز نفسها بالإمكانات البشرية والمادية التي تسمح لها بالتصدي لهذه الأعمال الإجرامية"· وبخصوص رفع حالة الطوارئ عارض السيد قسنطيني رفعها خاصة وأن الأمن "ليس تاما" بالجزائر وأن الدولة "بحاجة لتدابير قانونية لمكافحة الإرهاب" وشدد على أن هذا الإجراء "لم يمس قط بالحريات العامة والخاصة"· ولدى تطرقه لملف الجزائريين المعتقلين بسجن غوانتانامو أكد أن عدد هؤلاء بلغ 17 معتقلا، وأن هناك جهودا تبذلها السلطات لترحيلهم قريبا للجزائر· وحول وضعية السجناء الجزائريين بالسجون الليبية أكد قسنطيني أن عددهم يقدر 52 سجينا وأن عائلاتهم راسلت قبل أيام اللجنة التي قامت بدورها بإخطار وزارة الخارجية للتكفل بقضيتهم، موضحا أن هؤلاء يطالبون بترحيلهم نحو الجزائر لقضاء عقوبتهم في السجون الجزائرية· وعلى صعيد آخر جدد رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان، نفيه وجود سجون سرية في الجزائر، واعتبر تقرير اللجنة الأممية لحقوق الإنسان الذي أورد ذلك مجرد "إشاعات تطلقها منظمات تحقد على الجزائر ويقف وراءها أشخاص لديهم أغراض سياسية همهم الوحيد تشويه صورة الجزائر"·