لا يمكن أن يتصور عاقل أن تساقط الثلوج يمكن أن يشل البلد بهذا الشكل، ومن رحمة الله بنا أن سوء الأحوال الجوية تزامن مع عطلة عاشوراء، ما قلل من كثافة حركة المرور، وإلا لكانت الكارثة أعظم. لكن عطلة عاشوراء كانت أيضا سببا في غياب بعض المسؤولين، ما أخر التدخل لفتح الطرقات والاعتماد على الحد الأدنى من العمال. المسؤولون يتعاملون مع الأحوال الجوية والضرر الناتج عنها وكأنها قدر محتوم، فرغم أن مصالح الأرصاد الجوية تصدر نشرات خاصة حتى تمكن السلطات من اتخاذ الإجراءات اللازمة، من زيادة عدد العمال والآلات لفتح الطرقات أو تنظيم العمل في المستشفيات تحسبا لأي طارئ، إلا أن الجميع يتساهل في التعامل مع هذه النشرات الخاصة، وينتظرون وقوع الكارثة للتحرك، فتقل الفعالية وتتعقد الأزمة ويغضب الناس وتخرج الأمور عن السيطرة. فعندما كنا نشاهد الثلوج تشل المطارات والطرق في أوروبا واضطر الآلاف للمبيت في سياراتهم، حمدنا الله أن ذلك لم يحصل عندنا، وإلا كنا شهدنا وفيات بالعشرات بسبب البرد أو حتى حوادث المرور. الحقيقة أن الدولة لا تستطيع التكفل بكل جوانب الكوارث الطبيعية، سواء في أوروبا أو في أي مكان آخر، لذلك فهي تشجع عمل جمعيات المجتمع المدني وتقدم لها الدعم، وقد ساهمت فعلا في إيواء الأشخاص الذين عجزوا عن الوصول إلى بيوتهم، وإيصال الطعام الساخن للسائقين المحتجزين في الثلوج. أما في الجزائر، فإن تحرك المجتمع المدني يظل محدودا لولا بعض المبادرات الفردية، كما حدث أمس عندما آوى سكان الأربعاء بالبليدة إخوانهم المتجهين نحو المدية بعد انقطاع الطرق واشتداد البرد. والسبب أن الحكومة لا تدعم إلا الجمعيات التي تعلن صراحة أنها تساند برنامج فخامة رئيس الجمهورية. كثير من العائلات الميسورة في المدن الكبرى تنتظر بفارغ الصبر تساقط أول الثلوج للهو بها أو الخروج في نزهة في الجبال، لأنها في الحقيقة خير نحمد الله عليه، لكن الفقراء يدعون الله أن يستمر صفاء الجو وألا تنخفض درجات الحرارة، لأنها تعني بالنسبة لهم معاناة مع البرد القارس وندرة غاز البوتان وقطع الكهرباء وانقطاع الطرق.