يزور وزير دولة بريطاني الجزائر الشهر المقبل، لبحث التعاون الثنائي في شقيه السياسي الأمني والاقتصادي. وستجري المباحثات مع الوزير المنتدب للشؤون الإفريقية والمغاربية عبدالقادر مساهل، في إطار لجنة سياسية مشتركة تجتمع كل سنة لتقييم التعاون. هذه الزيارة المرتقبة كشف عنها، أمس، سفير المملكة المتحدةبالجزائر مارتين روبر خلال نزوله ضيفا ب''الخبر''، حيث صرّح بأن موفد الحكومة البريطانية ''سيناقش كل القضايا المتعلقة بالتعاون الثنائي''. وتحاشى روبر، المعين سفيرا منذ ثلاثة أشهر، التعليق على الإجراءات المتخذة بالجزائر منذ أيام والمتعلقة برفع حالة الطوارئ، زيادة على تدابير اجتماعية لفائدة الشباب، إذ قال إنه يخشى أن ''تخضع تصريحاته للتأويل ولكن مبدأنا هو أن كل بلد حرّ في سياساته''. ومع ذلك قال إن حكومته ترحب برفع حالة الطوارئ ''فذلك يمكن أن يذهب في اتجاه الاستجابة لتطلعات الجزائريين''. وبخصوص التعاون في مجال الدفاع، قال السفير إن ''التبادل بين المؤسستين العسكريتين عرف اتساعا في السنوات الأخيرة، خاصة مع البحريتين وسلاح الجو. وارتفعت وتيرة التكوين أيضا في المدة الأخيرة''. وتحفظ رئيس البعثة الدبلوماسية البريطانية عن الخوض في موضوع السلاح الذي يطلبه الجزائريون، واكتفى بالقول بأن المملكة المتحدة ''تتوفر على مؤسسات كثيرة تمتلك التكنولوجيا العسكرية، والجزائر في حدود ما أعلم مهتمة بأمرين أساسيين: نقل التكنولوجيا واستحداث مناصب شغل''. وأشار السفير إلى اجتماع اللجنة المشتركة حول قضايا الدفاع والإرهاب، ثلاث مرات منذ تأسيسها، كان آخرها في لندن شهر ديسمبر الماضي. وترأس الاجتماع، عن الجانب الجزائري، كمال رزاق بارة المستشار برئاسة الجمهورية. ووصف مارتين روبر الجزائر بأنها ''البلد الأكثر أهمية بالمنطقة، بشأن محاربة الإرهاب نظرا للدور الهام الذي تقوم به في هذا المجال''. وفيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية، قال روبر إن قطاع الطاقة يمثل نصيبا معتبرا ''ويعكس التطور المسجل خلال السنوات الماضية''، وتستورد بريطانيا من الجزائر 4 بالمائة من حاجياتها النفطية والغازية. وتنظر لندن للجزائر، حسب السفير، على أنها ''ممون مضمون وله مصداقية ويتسم بالاستقرار، وعليه فقد تم تحديد ورقة طريق في مجال المحروقات وإرساء حوار منتظم لتعميق وتطوير التعاون في قطاع الطاقة''. ويجد هذا الجانب اهتماما مركزا بالنسبة لبريطانيا، حسب روبر، بسبب وجود شركات بريطانية عديدة، على رأسها بريتيش بتروليوم وبريتيش غاز ولكن أيضا بيرلينغتون وبتروفاك في الجزائر وسوناطراك ببريطانيا. وأكد السفير البريطاني بأن بريتيش بتروليوم ستبقى في الجزائر، ولن تتنازل عن أصولها، مشددا على أهمية تلبية المطالب الجزائرية فيما يخص استفادة الجزائر من تحويل التكنولوجيا والمساهمة في تطوير قدرات الجزائر من الغاز غير التقليدي. ولاحظ السفير أن الشركات البترولية تريد البقاء في الجزائر ''ولكنها أيضا تأمل في إرساء حوار ونقاش يخص الظروف العامة لنشاطاتها، لأنها ملزمة بتحقيق نتائج''. وأشار روبر إلى أن عدة شركات بريطانية تبدي حاليا اهتماما بالسوق الجزائري، ''ولكنها تراعي أيضا مناخ الأعمال والاستثمار''. مشيرا إلى الزيارة الدورية التي تقوم بها وفود أعمال بريطانية إلى الجزائر، بهدف تدعيم العلاقات التجارية والاقتصادية، مشيرا إلى أن المبادلات التجارية تضاعفت، لكنها تظل متواضعة وأقل من المأمول، إذ تقدر بحوالي مليار جنيه استرليني، جزء كبير من القيمة عبارة عن صادرات محروقات جزائرية وحوالي 250 مليون جنيه صادرات بريطانية. ومع ذلك، يقول السفير، فإن عدد الشركات العاملة مباشرة في السوق الجزائرية تتزايد، وهو مؤشر يؤكد رغبة لندن في تكريس تقارب أكبر على المستوى الاقتصادي.