أكدت الجزائر وبريطانيا أمس استعدادهما لتقوية التشاور السياسي وتطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، حيث يُحضر البلدان للتوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون في المجال العسكري، ويعملان على استكمال الإطار القانوني الذي ينظم التعاون الاقتصادي، من خلال التوقيع على اتفاقيتي إلغاء الازدواج الضريبي وحماية وتشجيع الاستثمار في الثلاثي الأول من العام المقبل. وأوضح كل من الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل والسيد بيل راميل وزير الدولة لدى الخارجية البريطانية في لقاء صحفي تخلل أشغال الدورة الثالثة للجنة التعاون الثنائي، التي انعقدت أمس بإقامة الميثاق بالجزائر، أن العلاقات بين البلدين تشهد انتظاما أكبر، بعد تأطيرها بلجنة التعاون الثنائي التي تقرر انشأؤها خلال زيارة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى المملكة المتحدة في 2006، وهي اللجنة التي تتفرع منها اللجنة الفرعية المكلفة بالشؤون الاقتصادية والتجارية والمالية، التي ستجتمع بالجزائر مطلع العام المقبل برئاسة كل من وزير الصناعة وترقية الاستثمار السيد حميد طمار ووزير الإقتصاد والاستثمار البريطاني. وعبر وزير الدولة البريطاني بالمناسبة عن اهتمام بلده الذي يعد أكبر مستثمر في قطاع الطاقة بالجزائر من خلال مؤسسة "بريتيش بتروليوم" التي تصل قيمة استثماراتها إلى 5ملايير دولار، بتنويع مجالات التعاون الثنائي مع الجزائر، مشيرا إلى أن المحادثات التي تطرق إليها الجانبان في إطار أشغال لجنة التعاون الثنائي، تناولت دراسة سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والثقاقي، وإمكانية تدخل الطرف البريطاني في مجال تعميم تعليم اللغة الإنجليزية في الجزائر علاوة على المجالات المرتبطة بمكافحة ظاهرتي الإرهاب والهجرة غير الشرعية على المستويين الوطني والدولي. وأوضح في سياق متصل أن بريطانيا تعمل على تحسين تعاملها مع الجزائريين الراغبين في زيارتها بشكل قانوني، مشيرا إلى أن مصالح القنصلية البريطانية تمنح سنويا نحو 10 آلاف تأشيرة للجزائرين، غالبيتهم من فئتي رجال الأعمال والجامعيين. في حين قدر السيد عبد القادر مساهل عدد الجزائريين المتواجدين بالمملكة المتحدة والمسجلين بشكل قانوني، بنحو 28 ألف جزائري، منهم 25 ألف بإنجلترا و3 آاف بايرلندا الشمالية)، وأبرز من جانبه الاهتمام البريطاني المتنامي باستغلال فرص الاستثمار التي يتيحها الإطار القانوني ومحيط الأعمال المشجع بالجزائر، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه إلى جانب قطاع المحروقات تتواجد نحو 200 مؤسسة بريطانية بالجزائر، تنشط في مجالات متعددة على غرار صناعة الأدوية، حيث يتم تهيئة مصنع ببومرداس، وكذا في مجال صناعة مواد التنظيف، وفي القطاع المصرفي مع دخول البنك البريطاني "أش أس بي سي" إلى السوق الجزائرية، وذكر الوزير بأن البلدين يسعيان حاليا إلى رفع كل العراقيل التي تعترض تطور علاقات التعاون الإقتصادي وحركية الاستثمارات، من خلال التوقيع على اتفاقيتين أساسيتين في الثلاثي الأول من العام القادم تتعلق الأولى بإلغاء الازدواج الضريبي والثانية بتشجيع وحماية الاستثمار، كما لازالت المفاوضات جارية بين الطرفين للتوقيع على مذكرة التفاهم للتعاون العسكري، تشمل على وجه الخصوص الجوانب المتعلقة بالتكوين. وفي حين حرص السيد مساهل على التوضيح بأن هذا الاتفاق لا يختلف عن باقي اتفاقات التي تنظم التعاون العسكري بين الجزائر وباقي شركائها، ذكر لدى تطرقه لمجال تنقل الأفراد بين الجزائر وبريطانيا، بوجود اتفاقية قنصلية تؤطر هذا الجانب من التعامل، مشيرا إلى أن عدد التأشيرات التي تمنحها المصالح القنصلية الجزائرية للبريطانيين يفوق بكثير العدد الذي تمنحه نظيرتها البريطانية للجزائريين، مستشهدا في هذا الصدد بكثافة الرحلات الجوية التي تقوم بها كل من الخطوط الجوية الجزائرية ونظيرتها البريطانية "بريتيش إيروايز" بين البلدين، "ما يدل على أن حركة التنقل تجري بشكل عادي وفقا للإطار القانوني الذي ينظمها"، حسب السيد مساهل الذي أشار في المقابل إلى أن التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين ينظمه هو الآخر إطار قانوني مبرم بين البلدين. وأوضح الجانبان أن أشغال اللجنة تناولت أيضا، سبل تعزيز التعاون الأمني والعسكري ولا سيما في مجال مكافحة الإرهاب، على المستويين الثنائي والدولي، حيث ركزت المحادثات في هذا الجانب على كيفيات مكافحة هذه الآفة "كإديولوجيا" ومحاربة أشكال دعمها وتمويلها، وفي هذا الخصوص أعلن السيد مساهل عن احتضان الجزائر في الأيام القادمة لملتقى دولي حول مكافحة تمويل الإرهاب ينظم بالمركز الإفريقي للدراسات والبحث في مجال الإرهاب. كما تطرق الطرفان إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك على غرار الوضع في الشرق الأوسط وقضية الصحراء الغربية. تجديد دعم بريطانيا حق الشعب الصحراوي وفي هذا الإطار جدد السيد راميل موقف بلاده الداعم لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وتأييده لاستمرار المفاوضات بين جبهتي البوليزاريو والمغرب تحت لواء منظمة الأممالمتحدة، قائلا في هذا الصدد "نحن ندعم الحل المتفاوض حوله في إطار الأممالمتحدة، ويحترم حقوق الإنسان ويكون مع خيار تقرير المصير الذي يعد حقا شرعيا، وننتظر أن يعمل الأمين العام للأمم المتحدة على تحقيق تقدم في هذا المجال". كما عبر المسؤول البريطاني عن رفضه للحصار الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، داعيا إلى تسهيل حركتي الأفراد والبضائع بالقطاع. للإشارة فقد ضم الوفد الجزائري المشارك في أشغال الدورة الثالثة للجنة للتعاون الثنائي، السيد محمد الصالح دمبري سفير الجزائر ببريطانيا، الذي كشف ل"المساء" أنه إلى جانب مجالي الأدوية وصناعة مواد التنظيف فإن الطرف البريطاني يولي اهتماما كبيرا للاستثمار في مجال تحلية مياه البحر في الجزائر، مشيرا إلى أن حجم التبادلات التجارية بين البلدين يصل إلى نحو 7 ملايير دولار.