أعلن وزير الداخلية بكل شجاعة أنه سيواصل الاعتماد على ''فريقه'' في إعداد مشاريع قوانين الانتخابات والأحزاب التي أعلن عنها رئيس الجمهورية في خطابه للأمة. لأنها في نظر الوزير تعني وزارة الداخلية، جميل. هذا التصريح يؤكد مدى الثقة التي يضعها الوزير في إطارات وزارته، الذين سبق وأن ''أدخلوا البلاد والعباد في حائط''. لأنهم هم الذين فكروا وخططوا وباشروا تنفيذ بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين. ليسرع الوزير، عندما صار الناس يتجمهرون أمام البلديات ويحرقون مصالح الحالة المدنية ويضربون مستخدميها، وخفف كل إجراءات استخراج الوثيقتين، اللتين قال سلفه زرهوني إن كل الترتيبات هيئت لتسليمهما في ظرف قياسي. وفي ظرف قياسي أيضا حذف خلفه ''قنطار الوثائق والبيانات'' التي فرضت على المواطن ل''الفوز'' بجواز سفر وبطاقة تعريف. ولو خرج الناس إلى الشارع وطالبوا بأن يستلموهما بمجرد إجراء مكالمة هاتفية مع مصالح الحالة المدنية لوجد ولد قابلية تبريرا للنزول عند رغبتهم. وقال رئيسه أحمد أويحيى إن ''السلم الاجتماعي لا يقدّر بثمن''. هكذا هي قرارات وزراء الحكومة الجزائرية، التي ترى أنه من حقها أيضا أن يسألها الناس عندما لا تصيب. لا وزير الداخلية ولا الوزير الأول ولا أحزاب التحالف ولا رئيسهم، كان يفكر قبل أن يثور الشارع العربي، أن القوانين التي أنتجها ''المفكرون'' الذين يثق فيهم ولد قابلية، يجب تغييرها. رغم ما ترتب عنها من انحرافات وضياع لمصالح العباد والبلاد. ولم يكن تعديل الدستور، ولا قانون الانتخابات والأحزاب والانفتاح الإعلامي وغيرها مطروحا، إلا أن ''السلم الاجتماعي لا يقدّر بثمن''، كما قال... لكن هل يتحقق السلم الاجتماعي بالاستمرار في الإقصاء والإصرار على الاعتماد على ''الفريق الخاسر''؟ هل رفع إطارات وزارة الداخلية مطالب تغيير هذه القوانين حتى يمنحهم ولد قابلية أحقية وأهلية التفكير في تعديلها وصياغة قوانين جديدة تلائم المستجد من الوضع وتكون صالحة لتمكين مجموع الجزائريين من ممارسة حقوقهم الدستورية في التعبير والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية؟ يجب أن يتحلى ''المجاهد'' دحو ولد قابلية بالشجاعة، ويعترف بأنه لا يوجد في الجزائر سوى مستخدمي ''الأسرة الحاكمة''، كما وصفها الراحل شريف بلقاسم. ويعترف أنه يوجد في هذه البلاد جزائريون يملكون أفكارا وحلولا للمتاعب التي لا تواجهها ''الأسرة الحاكمة'' ومستخدموها في يومياتهم. ومن حق هؤلاء الجزائريين أن يقرروا مصيرهم ومصير ذرياتهم ومصير هذه البلاد، التي أتعبتها نتائج احتكار ''الفريق الخاسر'' للحق في التفكير والتدبير والتسيير. لا يوجد أي مبرر منطقي لأن يمنح ولد قابلية لنفسه ول''الأسرة'' التي ينتمي إليها و''الفريق'' العامل عندها، حق إقصاء الجزائريين من المشاركة في التفكير في مستقبلهم. وليس من الضروري أن يخرجوا إلى الشارع ليحرقوا ويكسروا ويخربوا لكي يقتنع ولد قابلية أنه أخطأ اختيار الفريق، مثلما أخطأ في البطاقة والجواز البيومتريين وغيرهما. [email protected]