يبدو أن الانتعاش الذي تعرفه العلاقات الفرنسية الجزائرية، مؤخرا، قد انعكس بالإيجاب على الجانب التاريخي. فبعد منعه لأكثر من 50 سنة، سيفرج أخيرا عن الفيلم الوثائقي المثير للجدل ''أكتوبر في باريس''، لمخرجه جاك بانيجال، أحد الذين حضروا المظاهرات وشهدوا على درجة الإجرام الفرنسي، حيث تقرّر عرض الفيلم في قاعات السينما الفرنسية في 19 أكتوبر القادم. ويأتي الإفراج عن الفيلم الوثائقي تكريما لمخرجه جاك بانيجال الذي توفي في 12 سبتمبر 2010، وكذلك احتفالا بالذكرى ال50 لمظاهرات أكتوبر التي قمعت بطريقة همجية، بأمر من محافظ الشرطة موريس بابون، حيث يستعرض تفاصيل دقيقة عنها عن استجابة 30 ألف جزائري لنداءات جبهة التحرير الوطني، وخروجهم في مظاهرات سلمية في شوارع باريس. وقد صوّر الفيلم الوثائقي في سرّية تامة، مباشرة بعد انتهاء المظاهرات بدعم من ''لجنة موريس أودان'' المساندة للأفالان، واستغرق التصوير ستة أشهر أواخر سنة 1961 وأخذت المشاهد في أحياء الصفيح ''نونتار'' و''جونيفيليي''، أين يعيش الجزائريون وبشارع ''غوث دور'' حيث يتم استجواب وتعذيب الجزائريين. كما يقدم صورة مطابقة للواقع عن اعتقال 11 ألف جزائري، وقتل وتعذيب المئات منهم، بالإضافة إلى إلقاء المئات في نهر ''السين''. ورغم استقلال الجزائر، إلا أن السّلطات الفرنسية لاحقت المخرج وفيلمه الوثائقي، حتى أن كل قاعات السينما التي أعلنت عن عرضه تعرّضت لمداهمات من طرف البوليس الفرنسي ومصادرة كل النسخ. للإشارة، الفيلم الجزائري ''معركة الجزائر'' لم يلق الضوء الأخضر لعرضه في فرنسا، رغم مرور 44 سنة عن إنتاجه.