هل يجوز صوم الأيّام الأخيرة من هذا الشهر (رجب) بمناسبة ذِكرى الإسراء والمعراج، خاصة أنّ بعض النّاس يُكثر من الصوم في هذا الشهر؟ قال تعالى: {وما أتاكم الرّسول فخُذُوه وما نهاكُم عنه فانتهوا} الحشر:07، ولكي تكون العبادة صحيحة مقبولة بإذن الله، لابُدّ أن يتوفّر فيها شرطان: الإخلاص، ومتابعة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أي موافقة الشّرع. وفي قضية الصوم في شهر رجب لم يثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه صام اليوم الموافق لذكرى الإسراء والمعراج، ولو كان خيرًا لسبقنا إليه صحابته من بعده. ولا يخفى أنّ الصوم عبادة، والزيادة والنقصان في الشهر بالتحديد سنويًا غير مشروع، وإنّما المشروع هو صوم الأيّام البيض من كلّ شهر وصوم يومي الإثنين والخميس طيلة الشهر كما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفعل، وإن صام العبد يوم الخميس والإثنين ووافق ذلك ذكرى الإسراء والمعراج فعليه تصحيح نيته لكي لا تلتبس السُنّة بالبدعة، والله الموفق. ونذكّر أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يكثر من الصوم في شعبان لما في ذلك من الفضل، فمَن استطاع أن يصوم نصفه الأوّل فليفعل، وكذلك مَن كان صومه صوم داود عليه السّلام يصوم يوما ويفطر يومًا فلا شيء عليه أن يبقى في عادته فهو في حكم المعتاد والله أعلم. هل للمرأة الكبيرة في السن والمتوفى عنها زوجها، عِدّة، وما الأحكام المتعلقة بها؟ عدّة المتوفى عنها زوجها ذكرها الله تعالى في كتابه بقوله: {والّذين يُتَوَفّوْن منكم ويذَرُون أزواجا يتربّصْنَ بأنفسهنّ أربعةَ أشهُرٍ وعشرًا} البقرة:234، وهي عامة في كلّ امرأة مات عنها زوجها، ولو كانت تبلغ من العمر مائة سنة، ذلك لأنّ فضل الزوج على زوجته عظيم، وحقّه كبير، ومن الوفاء لذلك الفضل والاعتراف بالجميل أن تحد الزوجة تلك المدة، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على رجل أكثر من ثلاثة أيّام، إلاّ على زوج أربعة أشهر وعشرًا'' أخرجه البخاري ومسلم. والحِداد هو تجنّب المرأة كلّ ما يدعو إلى جِماع، أو يرغّب في النّظر إليها مثل الطيب والتكحّل والحلي، وكذا كلّ ثياب الزينة الّتي يُعد لبسها تجمّلاً وتزيّنًا. كما يجب عليها أن تبق في البيت الّذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، قال تعالى: {والّذين يُتوفّوْنَ منكم ويذرون أزواجا يتربّصنَ بأنفسهنّ أربعةَ أشهرٍ وعشرًا فإذا بلغْنَ أجَلَهُنّ فلا جُناح عليكم فيما فَعَلْنَ في أنفُسهنّ بالمعروف واللهُ بما تعملون خبيرًا} البقرة:234، فقوله {إذا بلغنَ أجلهنّ} يدل على أنّهنّ قبل ذلك الزمن ممنوعات ممّا رُخّص لهنّ فيه بعده. أمّا عن التزام لبس السواد للمتوفّى عنها زوجها أو لأهله فهذا باطل أيضًا، ولا أصل له في الكتاب ولا في السُنّة. وعدّتها تبدأ من اليوم الّذي مات فيه لا من اليوم الّذي دُفن فيه، لأنّ العبرة بالوفاة لا بالدفن، قال تعالى: {والّذين يُتوفّوْنَ منكم ويذرون أزواجا يتربّصنَ بأنفسهنّ أربعةَ أشهرٍ وعشرًا فإذا بلغْنَ أجَلَهُنّ فلا جُناح عليكم فيما فَعَلْنَ في أنفُسهنّ بالمعروف واللهُ بما تعملون خبيرًا} البقرة:234، فقوله سبحانه وتعالى {يُتوفّوْن} دليل على ذلك. كما لا يجوز للمرأة المعتدة من وفاة زوجها أن تخرج من البيت الّذي مات فيه إلاّ للضرورة، كالذهاب إلى الطبيب، وإمضاء ورقة ضرورية، أمّا الشراء والخروج لقضاء الضروري من حوائجها فتخرج له ولا حرج غير، أنّ الخروج من أجل النزهة والترويح عن النّفس فغير جائز ومخالف للشّرع. حيث أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المرأة المتوفّى عنها زوجها بلزوم البيت وعدم المبيت في بيت غيره، ومن الخطأ أن تذهب المعتدّة من الوفاة لزيارة أقاربها وأحبابها، وربّما المكوث عندهم أيّامًا وليالي، بل لا بُدّ أن لا يدركها مغرب أيّ يوم من تلك الأيام إلاّ وهي في بيتها. وخروج المرأة إلى المقبرة لزيارة قبر زوجها مدة أربعين يومًا أو طيلة أيّام العدّة لا يجوز، ولها أن تزوره مرّة أو مرّتين تدعو وتستغفر له وتتّعظ وتذكر الموت والآخرة. هل يجوز إعطاء الفوائد الربوية لأهل الفاقة والحاجة؟ الفوائد الربوية مال حرام، وقد قال الله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وذَرُوا ما بقِيَ من الرّبا إن كنتم مؤمنين × فإن لم تفعلوا فَأْذَنُوا بحرِب من الله ورسوله وإنْ تبتم فلكُم رؤوس أموالِكم لا تَظلِمون ولا تُظلَمون} البقرة:.279/278 والمال الحرام لا يجوز أكله ولا اللبس منه ولا الإنفاق منه على الأهل، ولكن أجاز بعض العلماء إعطاءَهُ للفقير المحتاج الّذي لا يجِد قوت يومه، أو المسكين الّذي لا يستطيع الإنفاق على أهله، كما لا يجوز صرفُه من أجل بناء المرافق العمومية كالمراحيض العامة وغيرها.