اتفق مختصون وباحثون على أن النظام الجزائري، الذي أرسيت دعائمه بعيد الاستقلال، فقد صلاحيته في مجاراة الواقع الجديد للجزائريين، على أن فاتورة التغيير في الجزائر سوف ''لن تكون بحجم الفاتورة التي دفعها التونسيون والمصريون''. وسعى باحثون وسياسيون أكاديميون في ندوة النقاش التي نظمها مركز ''أمل الأمة للدراسات والبحوث الإستراتيجية''، أمس بمقر جريدة الشعب، إلى تبرير ما أشاروا إليه ب''فشل النظام القائم منذ 62، وفقدانه صلاحية الاستمرار في إدارة شؤون البلاد، ومن أهم ما قدم أنه ''عجز عن احتواء كل الشرائح الاجتماعية والفكرية''، بينما أكد المتدخلون أن تطلع الشعب الجزائري إلى قيم الحرية والعدالة الاجتماعية وإقامة مجتمع ديمقراطي اصطدم بنظام لم يستطع الاستجابة لآماله. بينما تدخل الدكتور قيصر مصطفى من جامعة البليدة، ليؤكد إمكانية قيام الجزائريين بالإصلاح بأقل تكلفة ممكنة، بيد أنه اشترط لذلك أن تفتح السلطة آذانها لمختلف الآراء ووجهات نظر التيارات الموجودة في المجتمع، وقدم وصفة للإصلاح تقوم على تشكيل ''خلية إصلاحات'' عليا، تضم شخصيات يحصل الإجماع حول كفاءتها، تعمل على صياغة الحلول الممكنة لراهن الوضع. وقدمت تحليلات بشأن إمكانية التغيير بتكلفة أقل، ومن أهم ما سيق في هذا الإطار، أن عدم ارتباط النظام في الجزائر بشخص واحد، من أهم عوامل نجاح التغيير مع تفادي الفاتورة الغالية، عكسما جرى بتونس الذي ارتبط نظامها بشخص بن علي ومصر التي رهنت نظامها بشخص مبارك. وكان مدير المركز، إسماعيل حريتي أكثر انتقادا للنظام الذي، في نظره، عمل على إقصاء كل رأي مخالف لأطروحاته وأفكاره، ما ساهم في تأسيس ثقافة بناء الزعامات على حساب الكفاءات، إلى جانب تقييد العمل الديمقراطي في العديد من صوره كقمع المسيرات سواء السياسية أو الاجتماعية والمهنية، وذكر شريحة الأطباء التي شنت احتجاجات متوالية. واعتبر المتحدث أن المشاورات السياسية التي أدارها عبد القادر بن صالح ومحمد تواتي وعلي بوغازي، وضع في ضوئها النظام هدف الحصول على شهادة ''حسن السلوك'' لدى القوى الغربية، و''لا تعدو أن تكون ذرا للرماد في العيون''، الموقف الذي بنى عليه استشرافه على أن ''المشاورات لا تؤول إلى التغيير المنشود''. واتفق المحلل السياسي مصطفى فيصل مع سابقيه في القول إن الإصلاح وتغيير النظام بالجزائر سيكون بأقل تكلفة مقارنة بباقي الأنظمة العربية لنفس الأسباب المذكورة آنفا، ما اعتبره واحدة من إيجابيات النظام الجزائري الذي لا يرتبط بشخص معين، لكن المتدخل انتقد الداعين لتحييد ''الشرعية الثورية'' عن المشهد السياسي العام، ونقيض دعوة العديد من الأطراف، دعا إلى الإبقاء على الشرعية الثورية. من جهته، دعا الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي إلى إعداد حصيلة للمشاورات السياسية التي قامت بها السلطة، تطرح خلال جلسات نقاش عامة، فيما رافع لصالح منح الشباب مراكز مسؤولية عليا في الدولة.