تستمر تداعيات حالة الانقسام التي تعرفها قواعد حزب جبهة التحرير الوطني، في عدد من الولايات التي تشهد استقالات واحتجاجات بعضها بلغ حد العنف، رغم وضع التماسك الذي تبديه قيادة الحزب وأمينها العام عبد العزيز بلخادم، عشية انعقاد الدورة الحاسمة للجنة المركزية، التي ينتظر أن تحسم مصير قيادات وأعضاء الحركة التقويمية التي انفصلت عن الحزب. أعلن أكثر من 50 مناضلا في حزب جبهة التحرير الوطني بولاية سوق أهراس استقالتهم من الحزب، بسبب ما اعتبروه ''دخول الانتهازيين والوصوليين إلى الحزب''. وأصدر المستقيلون لائحة اتهموا فيها قيادة الحزب بتزكية خروقات عديدة للقانون الأساسي والنظام الداخلي للحزب، وفبركة الجمعيات العامة للقسمات وتنصيب هياكل في غياب المناضلين، وتحويل الحزب إلى بيت لأصحاب التجوال السياسي وتمكين رجال المال من الاستيلاء على الحزب. واتهمت اللائحة التي حصلت ''الخبر'' على نسخة منها، الأمين العام للحزب عبد العزيز بلخادم بتشجيع الدخلاء والانتهازيين والوصوليين للسيطرة على هياكل الحزب، وعدم احترام أدبيات الحزب وتقاليده التي ترسخت على مر سنوات النضال السياسي. وفي نفس السياق، أعلن عدد من إطارات محافظة ولاية المسيلة انضمامهم إلى الحركة التقويمية وتنصيبهم لمنسق على المستوى الولائي، وأكدوا ''دعمهم لمطالب الحركة التقويمية المتعلقة بإعادة النظر في تنصيب هياكل المحافظات والقسمات التي تمت خارج إطار الشرعية''، وكذا ''تطهير اللجنة المركزية للحزب من المناضلين المزيفين وأصحاب الأموال''. وندد مناضلو الحزب بولاية برج بوعريريج بالطريقة التي تم بها تنصيب المحافظ الولائي للحزب، ووصفوها ''بفبركة تتيح الفرصة لرجال المال للاستيلاء على هياكل الحزب، وفتحه أمام الدخلاء والانتهازيين والمرشحين في قوائم انتخابية لأحزاب سياسية أخرى''. وجددوا في بيان لهم تمسكهم بمطالب الحركة التقويمية وبتطهير هياكل الحزب من غير المناضلين. وسبقت هذه الاستقالات خلخلة وانقسامات على مستويات محلية عدة، في عدد من الولايات، كعين الدفلى وقسنطينة والبيض ووهران، وبلغت هذه الانقسامات مرحلة التصادم واستعمال العنف، مثلما حدث في تبسة قبل أيام، لكن قيادة الحزب لا تظهر كثيرا من الأهمية لهذه التداعيات، ولا تعير اهتمامنا كبيرا لمطالب الحركة التقويمية، عدا الاتصالات التي أجراها الأمين العالم للحزب عبد العزيز بلخادم مع المنسق العام للحركة التقويمية، صالح فوجيل، لفحص أسباب هذا الانشقاق. كما تبدو قيادة الجبهة متجاهلة تماما لمطالب التقويميين المتعلقة بتطهير اللجنة المركزية أو إعادة انتخاب المحافظات والقسمات. وتعتقد، وفقا لما يصرح به الأمين العام عبد العزيز بلخادم وأعضاء المكتب السياسي، بعدم قدرة التقويميين على التأثير السياسي والميداني في أداء الحزب، رغم قرب الاستحقاقات السياسية المقبلة، وتعتبر أن المحرك الرئيس لهذا الانشقاق مرتبط بعدم تواجد قيادات الحركة في المكتب السياسي أو في مواقع متقدمة في قيادة الحزب. وستحسم اللجنة المركزية المقررة نهاية الشهر الجاري في ملف التقويميين، وقد تقرر فصل عدد منهم، خاصة في ظل اتهام بلخادم لهم بالعمل لصالح غريم سياسي آخر.