دأبت العائلات التلمسانية على استقبال الشهر الفضيل بطقوس خاصة، حيث تشرع النسوة قبيل حلول شهر رمضان الكريم بتنظيف المنازل وإعادة ترتيب البيت، مع شراء الأواني الجديدة من السوق إكراما لهذا الشهر، لمعايشة أجواء استقبال الشهر الكريم في عاصمة الزيانيين. ''الخبر'' نزلت ضيفة على عائلة زناقي في بيتها الكائن بحي سيدي سعيد الشعبي بوسط مدينة تلمسان. تقول السيدة زنافي إن رمضان بالنسبة لنا يعتب مثل الضيف الذي يجب إكرامه وإعداد العدة لاستقباله، حيث تقوم بتنظيف المنزل وشراء أوان جديدة خاصة لهذا الشهر، فيما تفضل الكثير من العائلات إعادة طلاء البيت بالكامل. وتأخذ مستلزمات مائدة الإفطار حصة الأسد من استعدادات المرأة التلمسانية لشهر رمضان، فلا يمكن أن تستغني ربات البيوت عن التوابل الخاصة بطبق ''الحريرة''، سيدة المائدة التلمسانية، حيث يتم اقتناؤها من مدينة مغنية الحدودية. ويستقبل التلمسانيون أول يوم في شهر الصيام بطاجين ''البرقوق''، وهو فأل حسن، حسب السيدة زناقي، حتى تكون سائر الأيام حلوة، ليزيّن الطبق الحلو مائدة الإفطار، إلى جانب ''الحريرة'' و''البوراك''، فيما تتنوع طاولة العشاء بأطباق خفيفة على غرار ''المشمش'' و''الفاصولياء الخضراء''. ولأن شهر الصيام هو مناسبة لاجتماع العائلة، تجمع السيدة زنافي أفراد عائلتها على مائدة سيدها الشاي وحلوة الشامية، ويلتف الجميع للسمر وتبادل أطراف الحديث إلى وقت متأخر، وإلى وقت السحور أحيانا، ويتناول التلمسانيون في السحور عادة وجبة تعرف ب''السفة''. كما لا يمكن نسيان إعداد أكلة خاصة بالنصف من رمضان، والتي تدعى عند أهل تلمسان ب''النفقة''. وبحسب محدثتنا، لا يمكن إغفال الجانب الديني، حيث تحرص وأفراد عائلتها على ختم القرآن الكريم، لتواصل بنبرة الأسى: ''رمضان فقد الكثير من مميزاته، كانت العائلات تتزاور فيما بينها، وكنا نفطر في الكثير من الأحيان في فطور جماعي بالنسبة للعائلة الكبيرة. لكن اليوم، لا أحد يعلم ما حلّ بجاره أو أحد أقاربه''.