حِبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زيد بن حارثة رضي الله عنه، وكان يسمّى قبل بعثة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم زيد بن محمّد. ولمّا أذن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه بالهجرة هاجر زيد إلى المدينة، وآخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بينه وبين أسيد بن حضير، وظلّ زيد يدعى زيد ابن محمد حتّى نزل قوله تعالى: ''ادْعُوهُم لآبَائِهِم هُو أقْسَط عند الله'' الأحزاب5، فسمّى زيد بن حارثة. كان زيد رضي الله عنه فدائيّاً شجاعاً، ومِن أحسن الرّماة، واشترك في غزوة بدر، وبايَع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على الموت في أُحُد، وحضر الخندق، وصلح الحديبية، وفتح خيبر، وغزوة حنين، وجعله النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أميراً على سبع سرايا. وعندما أخذ الروم يغيرون على حدود الدولة الإسلامية، واتّخذوا من الشام نقطة انطلاق لهم، سيَّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشاً إلى أرض البلقاء بالشام، ووقف عليه الصّلاة والسّلام يُوَدِّعُ جيشه بعد أن أمر عليهم زيد بن حارثة، فتقابل الجيشان وظلّ زيد حاملاً الراية حتّى استشهد، فدعا له الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وقال: ''استغفروا لأخيكم، قد دخل الجنّة وهو يسعى'' رواه ابن سعد.